اليوم اتم عامي الرابع و العشرين ... و تتم مدونتي عامها الأول بعد أسبوع واحد ... و هو عيد الأم أيضا ... لم أتغير كثيرا لا أشعر بذلك الا كلما نظرت فالمرآه أري شاب نبتت له شعيرات غريبة في ذقنه و شعرة بيضاء وحيدة ضلت طريقها الي رأسه منذ عام واحد و زوج أسنان في مقدمة فمه محشوتين جيدا بنفس لون أسنانه الطبيعيه لا يلاحظهم أحد غيره ... لا أعرف هذا الشاب جيدا و لكنه يعجبني ... أجلس وحيدا في البيت ... أختي العزيزة و زوجها في أستراليا و أبي و أمي في تركيا و انا هنا وحدي في شبرا يقولون أنني يوم ولدت كان حجم رأسي غير متناسب مع جسدي الصغير فعانت أمي و الطبيب كثيرا لكي أخرج الي هذا الفراغ الكبير أعتقد أنني كنت رافض للخروج ... كنت أعلم ما ينتظرني وأرفض الخروج علي ما يبدو ... يحكون أيضا أن الممرضة كانت تحاول لفي في ملاية صغيرة و أنا أرفض و أخلعها عني و أصرخ
أيضا أخبرني ابي و أمي انني أتممت عامي الثالث و لم أكن قد نطقت مثل باقي الأطفال ... و فاجئتهم بأنني أتحدث معهم بجمل كاملة مرتبة بعد ثلاث أعوام من الصمت يقولون أنني كنت أصرخ فيهم ... فقط أصرخ دون أن أتحدث أعتقد أنني لا زلت أصرخ حتي الأن
و في أول يوم لدخولي حضانة الأطفال لم أبكي مثل باقي الأطفال فقد وجدت دولاب كبير مليء باللعب طائرات و سيارات و دبابات و صلصال ... كان بمثابة أكتشاف كنز وكأني وجدت مليون دولار في شوال بلا صاحب فأصبحت ملك لي
و مر قطار العمر بالعديد من المحطات مثل عام 1997
أتذكر وقت أن كنت في الصف الثالث الأعدادي ... أستيقظ مبكرا لأكوي قميص المدرسة جيدا و أعد 40 تكرار من تمرين الضغط لتبرز و تنتفخ عضلات صدري و أضع بعض الكريم في شعري بعد الأستحمام و أنزل مبكرا الي مترو الأنفاق لأقابل عماد و كمال و رفيق, رفيق يبحث عن فتاته في محطة رمسيس و نحن معه و كمال في الخلفاوي يحب حبا صامتا و يتألم و نحن معه ... أما عماد فيستمع الي .. أخبره ماذا قلت لها في درس اللغة العربية ... و عن جمال عيونها و عذوبة ضحكتها ... أخبره أنها لا تهتم بي أبدا ويلفت نظراتها هذا المتعاجب بنفسه التافه ... الذي يعرف كيف يضحكها أما أنا فأغرق في عرقي أذا تكلمت معها لأكثر من دقيقتين ... كنت أفقد سيطرتي علي انفعالاتي امامها و تمر الأيام بعدها ثقيلة ... و يفشل رفيق في أن يحادث فتاته و يحصل كمال علي أسم فتاته الكامل من كشف النتيجة في مدرستها و رقم تليفون بيتها من دليل التليفون ... كان تفكيرا رومانتيكيا غريب و كأننا خرجنا من قصة رومانسية لا مثيل لها الي الحياة اليومية وسط الأختناق و أزدحام مترو الأنفاق... هذا التفكير الذي أدي بنا الي الوصول لرقم بيتها... و لما أتصل بها أخبرته هي أنها تعرفه و تلاحظ انه كظلها في كل مكان و تطلب منه أن يذهب اليها مباشرة في المرة القادمة ليكلمها و أذهب معه بناء علي طلبه ... يقف علي بعد أمتار منها تنظر له و ينظر اليها ... ثم يختفي وسط ذهول مني و منها و يحافظ علي حبه لها من خلال المسافة و النظرات و لم يجرؤ أبدا أن يتحدث اليها
و تدور بنا الدوائر و ينشغل الجميع بحياته الخاصة و نتقابل بالصدفة في أماكن مختلفة و نتبادل التحية و الأبتسامات و الوعود بأننا سنجتمع كلنا في مكان ما و نحن ندرك جيدا ان هذا لن يحدث أبدا
أبتسم كلما رأيت سيارة لادا خضراء فقد كان جدي يمتلك واحدة يسميها أصدقائي مخلفات حرب من كثرة الثقوب فيها و التي كانت تبدو كطلقات رصاصيه بالفعل ... كان يصر أن يلبس البدلة الكاملة و الكرافات و الشراب الطويل و أستك خارجي له ... في كل مكان يذهب اليه حتي و لو كان القهوة ... يدخن البايب ذو الرائحة الجميلة ... و يبتسم دائما و هو ينفخ دخانه بنشوة ... و يردد حكاياته عن أريتريا و السودان و مغامراته هناك و يحكيها للمرة المئة أو ربما الألف بنفس التفاصيل و لا يمل أبدا من تكرارها
اعود بالتاريخ للثانوية العامة... محطة هامة في حياتي ... كنت اذاكر و لا أعرف ماذا أريد ... أتذكر وقت أن جلست أمي أمام التليفزيون مشدوهة و أنا أغط في النوم لتعرف ان كان مجموعي سيدخلني كلية الهندسة أم لا فقد كان هذا كل أملها في
و عندما أيقظني أبي ليبشرني ... مبروك يا هاني التنسيق بتاع التليفزيون بيقول أنك دخلت هندسة لم أكترث كثيرا و رددت عليه "طيب كويس" و أمعانا في عدم الأهتمام أكملت نومي بعدها و كأنه خبر عادي لا يخصني ... كان الجميع يهنئونني و انا لا اعرف ما الداعي لكل هذة الضجة قال يعني جبت الديب من ديله و خلاص كلها كام سنه و هابقي دكتور زويل التاني
لم أنس يوم كنت أجلس وحيدا في مدينة المنصورة في عيد ميلادي ال20 و قررت الذهاب الي حديقة الحيوان ... قولت أرفه عن نفسي شويه و في أول قفص وجدت ثلاث معيز (نعاج) ... و في الثاني وجدت أربع معيز و هكذا ... و عندما وصلت لأخر قفص قال لي الحارس في أسد هنا ... لكن كان نايم جوا بيت خشب و جلست منتظرا أن يخرج الأسد لأراه و لم يخرج حتي الرابعة مساء ميعاد أغلاق الحديقة
و بهذة المناسبة أحب أن أهديكم جزء من شعري الرديء
ماشي زعلان باقول للدنيا ليه كده... مش فاهم
قابلت اتنين حبيبه ساندين عالعربيه وراهم
زعلانه منه ...قام همس في ودنها و هو ساهم
ضحكت هي راح ضاحك.. غصب عني ضحكت معاهم
في كل سنة في مثل هذا الوقت أنظر للخلف و أبتسم للذكريات ... كل سنة و أنت طيبة وبألف خير يا أمي