الثلاثاء، يناير 06، 2009

بداية و نهاية ... كل الاشياء

يتذكر التاريخ دائما الحروب ... صناع الحروب ... سلسلة من المجازر و الموتي ... يوما ما سيقرأ احدهم تاريخ هذة الحقبة الزمنية التي نحيا بها ... و سيقرأ عن الحروب ... و لكنه لن يري اسماء محبين السلام ابدا ... لماذا يذكر التاريخ تلك الاحداث الجسام دون أن يذكر أنه كان هناك اناس لا يستطيعوا أن يفعلوا أي شيء و لكنهم كانوا رافضين لما يحدث ... محبين للسلام
***
قرأت في شعر اوفيدس...مسخ الكائنات...عن ذلك النحات الماهر الذي صنع تمثالا رخاميا لأنثي ... جميل الشكل ... أحبه جدا و ظل يتلمسه و يقبله ... و طلب متضرعا من الألهة الأغريقية ان يتحول التمثال الي بشر حقيقي ... فتحول بالفعل و إذ به و هو يقبله يشعر بدفء القبلة ... و يتحول التمثال الي حقيقة ... بمفعول الحب
غريب أمره هذا الحب ... فكما يقول جبران خليل جبران ... وحدهما الموت و الحب يحددان بداية و نهاية كل الأشياء ... اتسائل ... هل يملك أحد البشر الأن أن يحول محبوبته الي تمثال رخامي ... كانعكاس للاسطورة الاغريقية القديمة ... رأيت هذا يحدث كثيرا ... تفتر المشاعر و يتحول البشر الي كائنات رخامية المشاعر و يتبدل دفء الاحساس ... ببرودة شبيهه ببرودة الرخام ... برودة قد لا تذيبها أي مشاعر ... برودة تشبه تلك التي تستطيع أن تلمسها في اجساد الموتي
***
برودة الموت ... مرة اخري اشتممت رائحتها اول امس ... كنت في شارع لطفي السيد ... و المرور متوقف تماما ... جالسا بجانب احد اصدقائي في سيارته ... و سمعنا من السيارة التي تقف خلفنا صوت منبه السيارة ... صوت طويل لا يتوقف ... لم نفهم ما معني أن يستخدم احدهم منبه السيارة و الشارع متوقف ... بعد حوالي دقيقتين من هذا الصوت الذي لا ينقطع ... نزلنا لنري لما ينبهنا هذا الذي يقف بسيارته خلفنا في شارع متوقف تماما ... لنجد أن رأسه وقع فوق مقود السيارة...توفي ... ببساطة ... توفي... مرة أخري اشتم رائحة الموت ... يمر بالقرب مني دون أن يدركني ... تأخذني تلك المواقف الغريبة لتأملات اخري ... لم أكن أعرف الرجل ... و لكن يا هل تري كان يتوقع هو أن يموت بهذة الطريقة ... وحدهما الحب و الموت يحددان بداية و نهاية كل الاشياء ... و أن كانت الجنازة هي مراسم الموت التي نراها فمراسم الحب هي الزواج ... هل مراسم الزواج هي اسعد شيء يحدث في حياة الانسان ؟
منذ عدة اشهر حضرت فرح كان المدعوين فيه لا يتعدي عددهم العشرين فرد ... حضرت مراسم زواج كثيرة و مراسم جنازات ايضا .. و لكنني لم أحزن ابدا ... مثلما حزنت في هذا الفرح ... ففي كلا الحالتين نحتاج لمن يقف بجانبنا ... الناس ... يكمن السر في الناس ... حب الناس ... الناس يشاركون في الفرح و في الحزن ... و مشاركتهم في الفرح تجعله يتضاعف و في الحزن تجعله يتضائل ... و من هنا استطيع أن احدد معني الوطن في كلمات جبران خليل جبران ... عندما يقول ... يقول لي منزلي لا تذهب فها هنا يقبع ماضيك و ذكرياتك الجميلة ... و يقول لي الطريق هلم امض في اثري .. فإني لك المستقبل ... و أقول لهما معا ... إن بقيت ففي بقائي رحيل ... و إن رحلت ففي رحيلي بقاء ... لأن وحدهما الحب و الموت يحددان بداية و نهاية كل الأشياء
***
الحب و الموت ... و ماذا عن الميلاد ... اتذكر تلك القصة التي تتناقلها اسرتي عن احد افرادها ... انه بعد أن ولد بثلاث أيام وجدوا في كف يده ثلاث حبات من القمح ... ثلاث حبات من القمح نابتة ... يقولون هذا عنه و هم في منتهي السعادة ... لأنهم يحبونه ... فقد نسجوا من حوله اسطورة انه بمجرد مجيئة الي الحياة ... كانت في يده حبات القمح النابتة ... أي أن الخير أتي بمجيئه الي الحياه ... هؤلاء هم البشر بالفعل ... متي احبوا احدا نسجوا حوله الاساطير السعيدة ... و متي كرهوا احدهم ... تركوه ... ليموت وحيدا في صمت ... و برودة مثل تلك التي كانت للتمثال الرخامي ... عندما انجبت إحدي قريباتي مؤخرا ... ذهبت اليها للتهنئة ... وضعت يدي بجانب يد الطفل الصغير ... فأمسك بأصابعه الغضة الصغيرة اصبع يدي ... و ظل ممسكا بقوة به ... حاولت أن اسحب يدي بدون أن اجذبها بشدة خوفا علي الصغير و لكنني لم استطع ... كم هو مدهش أن يدرك الصغير معني التواصل الانساني حتي قبل أن يتعلم النطق ... اخبرني الجميع هناك أن كل الأطفال المولودين حديثا يفعلون هذا ... اعتقد أن قريبنا الأخر صاحب حبات القمح النابته عندما ولد ... و هو ولد في الريف ... امسك بيده حبات القمح و لم يتركها حتي نبتت في يده ... و من هنا أتت الاسطورة التي تتناقلها عائلتي ... لأنهم يحبونه ... و لأنه بالفعل ... وحدهما الحب و الموت يحددان بداية و نهاية كل الاشياء

14 comments:

Blogger Alkomi said...

كل سنة و انت طيب عيد ميلاد سعيد

عودة للبوست بعد امتحان يوم الخميس

7:48 م  
Anonymous غير معرف said...

انت راجل موهوب فى الكتابة اسلوبك سلس جدا

انصحك تبعت مقالات لمجلات مشهورة

11:01 م  
Blogger مثليه said...

الله ما اجمل كتاباتك تأخذني من نفسي و اذهب في احلام في عالم اخر احب ان اقرأ لك بقدر ما تحزنني كتاباتك
كم رقيق و لك حس مرهف نادر في هذا الزمن
تحياتي لشخصك

9:09 ص  
Blogger بنت مصرية said...

انت رائع
اول مره ازورك بس كلامك فيه كميا غريبه فيه سحر بتعرف تعبر كويس عن كل الاحاسيس
قلمك رائع بحييك

9:11 ص  
Blogger إيمان قنديل said...

نعم دائما يتذكر التاريخ الحروب وصناعها ولا يتذكر السلام ومحبيه، فتلك هي الدنيا ياعزيزي، وخذ على ذلك أبسط المثله فالناس دائما تميل الى تصديق الإشاعات والأشياء السيئة ويرفضون تصديق الحقيقه، والناس ترغب دائما وبالبلدي في جنازة حارة تشبع فيها لطم

==========
اما ألأسطورة الأغريقية التي يحول فيها النحات تمثاله الى بشر له مشاعر وأحاسيس ، فأقول لك في زماننا اصبح البشر مثل التمثال دون مشاعر وأحاسيس رغم أنه من لحم ودم وليس بجماد


===========
فعلا الحب والموت يحددان بداية الأياء وانا معك أن المشاركة في الفرح يتضاعف والمشاركة في الحزن يجعله يتضاءل، لذلك أوصانا الدين بالمشاركة في كلاهما وأيضا بزيارة المريض وجعل تلك الأفعال من الحسنات التي ستثاب عليها
=========

نعم هذكذا نحن عندما نحب شخصا نصنع منه اسطورة ، وعندما نبغضه نخسف به الأرض وننسى أي معروف صنعه لنا


تلك هي الحياة ياصديقي

بوست رائع وشخصيا أفادني كثيرا
========================

كل سنه وانت طيب وعيد سعيد

1:32 م  
Blogger السنونو said...

جميل منك المزج بين الحب والموت , الزواج والموت , الميلاد والموت . كل الأحداث تبدأ من نقطة واحدة وتنتهى لنفس النقطة كل الأحداث مرتبطة بالموت ربما لأنه بحد ذاته نهاية وبداية.

8:20 ص  
Blogger Gid-Do - جدو said...

واد ياهانى - ايه حكايتك مع الموت - واحد تشوفه يموت بعد نزوله سلم محطة المترو وكان شكله فى صحة جيدة وهو نازل والتانى يموت على الدريكسيون - دا انت مبخت على كدة - ياله خلص امتحانات وعاوز اشوفك - كل سنة وانت طيب

6:21 م  
Blogger Shimaa Esmail said...

السيد الأستاذ صاحب مدونة / بيكيا.. روبابيكيا
اعتذر عن الخروج من موضوع التدوينة لقد أرسلت لك الجزء الثاني من الاستمارة (7صفحات)، أرجو منك إرسال رسالة توضح أن الجزء قد وصلك بالفعل وأنه ليس هناك من مشكلة في إرساله أحالت وصله لسيادتك .
تحياتي وتقديري
شيماء إسماعيل
باحث ماجستير- كلية الآداب جامعة القاهرة.

9:40 م  
Blogger سارة نجاتى said...

ازيك يا هانى

يظهر أنك فى حالة ارتباك شوية فى مشاعرك و أفكارك , لا تبالغ غى التفكير فى الموت , أخويا زيك كده و مؤثر فى معنوياته بشكل سلبى جدا , الموت يعنى نهاية بالنسبة لنا كبشر , يعنى تشاؤم و احباط

أما بالنسبة للأسطورة الاغريقية و فأنا درستها و لكن من جانب ربطها بمسرحية من العصر الفيكتورى , يمكن ده خلانى لا أتعاطف مع النحات اللى عمل "جلاتيا" , بالعكس خلانى أضايق منه و أحس أنه عاوزه المرأة التفصيل . يعنى بالنسبة لى لم يكن حب , بل كان حب الصنع , هو صنعها و حب صنيعه .
و يمكن لو كانت جارته مش كان ح يحبها
مش عارفة انت متفق معايا و لا لأ؟؟
و لا أنا اللى نظرتى feminist شوية يمكن .
تحياتى لك

6:01 م  
Blogger blackcairorose said...

بس حبيت اعدي اسلم وابارك بالسنة الجديدة

10:06 ص  
Blogger karakib said...

شكرا للجميع لمرورهم و تعليقهم الرائع

سارة نجاتى
تصدقي اول مرة اشوف الاسطورة من النظرة بتاعتك دي ... شكرا لأنك وريتيني حاجة جديدة عليا

2:51 م  
Blogger Shimaa Esmail said...

السيد الأستاذ صاحب مدونة / بيكيا.. روبابيكيا
اعتذر عن الخروج من موضوع التدوينة لقد أرسلت لك الجزء الثالث من الاستمارة (7صفحات)، أرجو منك إرسال رسالة توضح أن الجزء قد وصلك بالفعل وأنه ليس هناك من مشكلة في إرساله أحالت وصله لسيادتك .
تحياتي وتقديري
شيماء إسماعيل
باحث ماجستير- كلية الآداب جامعة القاهرة.

4:33 م  
Blogger maro said...

اسلوبك جميل اوى ماشاء الله
عجبنى اوى فكرة سارة انه فعلا يعتبر حب تفصيل هو اللى عمله بنفسه غير لما يحس انه وجد شىء وحس انه بيكمله

يمكن الموت والولاده هم الحاجتين اللى بيحصلوا للانسان مرة واحده بس
فكرتنى بمقوله لنزار كان بيقول فيها
حبك مثل الموت والولاده صعب بان يعاد مرتين

6:13 م  
Anonymous غير معرف said...

يشرفنى ويسعدنى ان يصدر لى اول كتاب

"لست الا بعض الأوراق" معروض بمعرض
الكتاب

التفاصيل على البلوج الخاص بى

www.cherry0000.blogspot.com

تحياتى لك

12:23 م  

إرسال تعليق

<< Home