الخميس، نوفمبر 20، 2008

علي بابا راجل حرامي

استيقظت متأخرا اليوم .. وجدت نفسي في مكان أخر غير الذي نمت فيه ... يبدو انني اعتدت التنقل في اثناء النوم ... اقوم من سريري ليلا لأكل شيئا أو اشرب ... ثم اذهب لأنام في الصالة ... ثم استيقظ مرة أخري و اذهب لأنام في سرير أخر ... لا اعرف ما السر في هذه التنقلات الليلية ... فتحت التليفزيون و استرخيت فوق الكنبة أمامه ... و بدأت في البحث في القنوات المحلية قليلا قبل أن اصل لمحطة مستقبل الاقمار الصناعية ... و لكن ريموت الدش كان بعيدا عني ... و امعانا في الاسترخاء و الاستسلام للكسل اللذيذ لم اذهب لأتي به و قررت أن اتابع القناة الاولي ... كانت تعرض فيلم محاكمة علي بابا ... علي بابا ... مرة اخري هذا الحكي الشعبي الذي يؤرقني ... انتبهت قليلا لأسم الفيلم ثم تذكرت انني قررت الاستسلام للكسل و عدم الحركة او حتي التفكير ... الي أن جاء هذا الصغير المضحك ابن يحيي الفخراني بطل الفيلم ... سأل مدرسته في الحضانة ... مين سمسم ده ؟ اللي بيقولوا له افتح يا سمسم ؟؟ فسكتت المدرسة قليلا و انتابها بعض الغضب و اصطدمت بسؤال لم تسأله لنفسها من قبل و قالت له ... سمسم هو اللي بيفتح الباب ... و تتصاعد الاحداث بأن يرفض ابن يحيي الفخراني الاكبر أن يحفظ شعر البحتري ... و يسأله استاذ اللغة العربية لماذا ... فيخبره .. انه منافق ... يمدح الحاكم اذا اعطاه الاموال و يذمه اذا لم يفعل ... عندها يقرر يحيي الفخراني أن يذهب الي الاستاذ و يخبره أن ابنه كان علي حق عندما يعلم أن الاستاذ عاقبه و يتحدث مع الاستاذ ... فيجيبه انا لم اضع هذه المناهج ابنك لو ماحفظش الشعر هيسقط في مادتي ... اذهب الي مدير الادارة التعليميه ... فيذهب الرجل بالفعل ... ليجد أن مدير الادارة التعليميه ... يفعل نفس الشيء مع مدير المنطقه التعليميه ... بل و امعانا في الاسقاط الواضح يقول له من اشعار البحتري ... و ينتهي الموقف بشكل كوميدي أن يقول يحيي الفخراني للرجل ابيات اخري للبحتري يذمه بها
ثم يأتي الدور مرة اخري علي ابنه الاصغر و هو يستمع للمدرسة ... و يقول لها علي بابا راجل حرامي ... لأنه سرق فلوس الحرامية و مارجعهاش للناس ... فتغضب المدرسة ... و تطرده من الحضانة ... و يعود يحيي الفخراني ليقنع المدرسة بأن علي بابا فعلا كان حرامي ... فتغضب المدرسة التي اختار لها المخرج شكل كوميدي تقليدي لسيدة تغزل التريكو و هي تحكي قصص شعبي لا تفهم منه أي شيء ... و تقول للفخراني ... ودي ابنك حضانة تانيه ان كان مش عاجبك ... علي بابا كان راجل طيب هما علمونا كده ... و تجلس امام الصغار مرة اخري و تقول لهم بعصبية ... قولوا ورايا يا ولاد علي بابا كان راجل طيب ... فيردد ورائها الاطفال ... علي بابا كان راجل طيب
الي هنا كان من الممكن أن يكون المشهد كوميدي ... و لكنه لم يضحكني فقد أثار في عقلي مقارنات اخري بين الاساطير و الحكي الشعبي و قصص الاطفال في الغرب و الشرق ... علي بابا ... فعلا حرامي غير شريف ... اما روبين هوود فقد كان يسرق من النبلاء و يوزع النقود علي الفقراء ... حرامي ايضا و لكن شريف ... و قد لاحظ الطفل الصغير بفطرته النقية ... و مبادئه التي لم تتلوث بعد بتأثير العادة مثل مدرسته او بتأثير الرغبة في رضاء مديريه عنه كما يفعل مدير الادارة التعليميه ... لاحظ هذا مثل اخيه الاكبر الذي قرر أن يقاطع شعر البحتري لأنه كان منافق حتي و لو كان من فطاحل الشعراء ... و لكن قهرهم الجميع ... موروثهم الثقافي اخبرهم أن الادب العربي لا يجب انتقاده ... و ان القصص الشعبي لا يجب انتقاده ... و أن الاكبر منك سنا لا يجب انتقاده ... و أن الانتقاد شيء سييء للغاية ... لا يجب ان تنتقد ... يكفي أن تكون متلقن بارع و ببغاء بليغ تكرر ما قيل لك بحذافيره ... و لا حق لك ان تنتقد الا بعد أن تكون درست كل شيء ... و في اثناء دراستك ... سيضعون برأسك اشياء لن تمحي ابدا دون أن تدري ... اشياء تشبه الفيروسات ... فيروسات منع النقد ... من اعراض هذه الفيروسات انك تصبح خانعا خاضعا لكل ما يقال لك .. لا تفكر كثيرا و انما توافق و تصفق بيديك بشكل ألي لكل من هو اكبر منك عندما ينهي حديثه ... عندما تري واحد ينتقد شيء ما تشعر بالتهديد و كأنه يهاجمك شخصيا ... فتنتقده كرد فعل ... لا كفعل
بالتأكيد هذا القصص الشعبي للاطفال له دورا ما في تشكيل حياتهم بعد ذلك ... و في تشكيل و بلورة شخصياتهم
انتهي الفيلم او انتهت التدوينة
و لكنني خرجت بمعلومة هامة للغاية ... أن علي بابا كان راجل حرامي و لازم كل الناس تعرف انه علي بابا راجل حرامي لأنه من يسرق حرامي ... حرامي خصوصا اذا لم يعيد الاموال الي اصحابها الاصليين

17 comments:

Blogger bluestone said...

الموروث الشعبي .. هو جزء من وعينا وادراكنا بالتأكيد
واكثير المبادئ التي تزرع داخلنا لا تأتي من التعليم المباشر مثلما تأتي من القصص الشعبي
على سبيل المثال فقد قضيت طفولتي بأكملها على تلك القصص والحكايا التي كانت تنسجها جدتي وان كان اغلبها من الادب العالمي مصاغ بكثير من اضافاتها الشخصية

مشكلتنا ان الوعي الاخلاقي لدينا ارتبط دائما بالدين .. وعليه فاننا نستمد قيمنا الاخلاقية من الدين لا من الموروث الشعبي .. الذي يعتقد انه يبقى بلا تأثير مباشر على وعينا واخلاقنا ..

على العكس من الغرب ان القصص الشعبي لديهم له نسق اخلاقي مختلف ولان الوعي الاخلاقي لدى الغرب ينبع اساسا من الاخلاق كمصدر وكهدف اساسي في حد ذاتها

فانت شريف مش عشان هتروح الجنة
انت شريف عشان لازم تبقى شريف
----------------------------

ثانيا العقلية النقدية .. ده جزء من التعليم بالفعل
والمشكلة اننا نترك تعليم اولادنا في الغالب للمدرسة والتي تركز بدورها على المناهج بهدف نجاح الطالب وليس بهدف تربيته او تعليمه اي شيء

هي منظومة كبيرة جدا مختلة تشمل التعليم في المدرسة وحتى التعليم في المؤسسات الديينة زي مدارس الأحد في الكنائس مثلا او الدروس الدينية

المدرس غير مؤهل لانه ابن المنظومة دي في الاساس. يعني الموضوع بقى دايرة مقفولة

اللي بيحصل مالوش اي علاقة من قريب ولا من بعيد بالتعليم
اللي بيحصل دلوقتي هو انك بتدفع ضريبة مقابل الحصول على ورقة رسمية تفيد انك بتفهم في تخصص ما في نهاية مجموعة من المراحل تستغرق سنين

لكنها لا تضمن انك متخصص ولا تعرف ولا اتعلمت اصلا
مش بس الفكر النقدي هو اللي مفتقد
لكن الفكر بشكل عام

بس في النهاية انت مجبر لان هدفك في الاخر الحصول على الورقة الرسمية وده ليه تمن

زمان كنا بنسأل ليه بنحفظ ايات من القرآن مثلا مش هنستفيد بيها اي حاجة
وليه بندرس تاريخ احنا مالناش وجود فيه
وليه بندرس تفاصيل دقيقة جدا لاحداث مر عليها مئات السنين

كان الرد من اهلنا بيبقى ايه؟؟؟
ذاكر عشان تنجح

مش ذاكر عشان تتعلم

احنا بنقتل في اولادنا كل فكر متفرد
المختلف غير مقبول
والرغبة المختلفة غير واردة
لازم تدخل في المنظومة عشان ماتبقاش بره عشان لازم يكون ليك مكان
وانت وحظك بقى

يحصلك اي حاجة تغير مسارك فتخليك بارادتك الحرة تختار تطلع براها في يوم من الايام وتتحمل مسؤولية انك تكون مختلف .. وليك رأي

انا رغيت كتير
بس انت استفزيت الفكرة

5:31 م  
Blogger karakib said...

bluestone

اكيد بشكل غير مباشر القصص ده بيأثر فينا و تأثير قوي ما دام غير ملحوظ
الوعي الاخلاقي لدينا مرتبط بالدين لكن ده مش معناه انه الدين بيقول اسرق الحرامي و ما تسرقش التانيين الدين بيقول انه السرقة سرقة
اما في الغرب ففعلا النسق الاخلاقي لديهم مختلف ... لكن ده مش معناه انه احنا لازم نقلدهم في كل حاجة
المفروض ننقي فكرنا احنا بدون الوقوع في دائرة الثنائيات اللي ذكرتها في التدوينة السابقة ... المقارنة الهدف منها مش نشوف مين احسن لكن اننا ناخد الحلو من كل مكان
-----
موافقك علي فكرة العقلية النقدية و الفكر الملغي من اساسه
لما كنا بنسأل زمان ليه بنحفظ ايات من القرأن لأننا كنا مش عارفين انه مهم اوي نبقي عارفين الاديان الاخري بتقول ايه .. ده مهم للغاية في فهم مرجعيات الناس اللي من حوالينا و خصوصا ان كانوا اصدقائنا و جيراننا
اما عن دراسة التاريخ .. أي تاريخ ففي رأيي مش القضية اننا ندرس تاريخ القضية هل من حقك ان تنتقدي الرموز و لا لأ؟ و ده راجع لتدوينتي السابقة برضة الثنائيات و الرموز
----
المقطع الأخير في تعليقك حلو اوي
بتقولي
احنا بنقتل في اولادنا كل فكر متفرد
المختلف غير مقبول
والرغبة المختلفة غير واردة
لازم تدخل في المنظومة عشان ماتبقاش بره عشان لازم يكون ليك مكان
وانت وحظك بقى

يحصلك اي حاجة تغير مسارك فتخليك بارادتك الحرة تختار تطلع براها في يوم من الايام وتتحمل مسؤولية انك تكون مختلف .. وليك رأي
----
متفق معاكي سبعة مليون الميه

5:41 م  
Blogger bluestone said...

يا هاني
انا قصدت ان القصص الشعبي اصلا احنا مش بنسمتد منه نسقنا الاخلاقي او على الاقل احنا متخيلين كده
ولهذا السبب مش بنراجع الموروث الشعبي ده عشان نشوف فيه ايه وبننقله لودلانا زي ما هو
لان في النهاية احنا بنسمتد اخلاقنا من الدين والقصص الديني
وده اللي فيه محاولات قوية جدا في الفترة الحالية مثلا في البحث عن مستويات اعمق في الدراسة والفهم

الدين بيقول ان السرقة سرقة
وبيقولك ماتسرقش عشان ما تدخلش النار
او ماتسرقش عشان حرام

ده مفهوم ديني مش اخلاقي
لازم تتعلم انك ماتسرقش لان السرقة غير مقبولة اخلاقيا وليها تبعات سيئة عليك وعلى مجتمعك

---
طبعا محدش قال نقلد الغرب
مش هتعرف لو حاولنا :)
الفكرة انك تطور الموروث الاخلاقي وتنقحه
او تطور طريقة تعاطيك للقصص الديني لاضافة ابعاد اخلاقية اجتماعية عليه
-----------
احد اسباب انتفاء الفكر النقدي لدينا هو تقدسينا للافكار والبشر والاشياء
يعني احترام الكبار يضم خطئا انك لا تعارضهم او تنتقدهم
مع ان ده مش صحيح
احترام الكبار مش المفروض يتعارض مع انتقادهم او الاختلاف معهم
انما الاسلوب اللي بتعمل بيه ده

ان كان ربنا نفسه دعا الانسان ان يناقشه !!

واستمرارا للفكرة احنا بنأله الاشخاص وبنعطيها رموز
بيبقى فلان رمز الحرية
وفلان رمز الثورة
وفلان رمز التاريخ

فطبيعي لو غلطت فيه تبقى بتغلط في مرحلة كاملة من حياة احدهم او اختياراته وهنا تبدأ الشخصنة

خصوصا وانت بتعرض ارائه دي للخطر لانه لم يتعلم غيرها فتعلم تقديسها لانه لا يوجد لها نقيض
فلا يخطر بباله ابدا ان يخالفها احد

احنا بنتعامل مع حياتنا كلها بالفكر الديني
يعني مقبول في الفكر الديني ان تكون مقتنعا بان اعتقادك هو الحقيقة المطلقة لكن لا يمكنك التعامل بنفس الفكر مع كل حاجة في حياتك
----------------
مش هتفق معاك في مسألة حفظ الآيات
لان الهدف منها مكانش ابدا المعرفة بالاديان الاخرى لعدة اسباب
اولها: ان الحفظ لا يتضمن دراسة او معرفة
احنا بنحفظ وبس
وبنجاوب على اسئلة الامتحان برضه بالحفظ .. مكانش فيها دراسة او معرفة
مجرد الكلام اللي كانوا بيحفظهولنا في لنجاوب عليه في الاية الكريمة المبينة في السؤال ادناه

السبب التاني ان المعرفة لازم تكون متبادلة

ثالثا التعليم اصلا في بلدنا غير قائم على المعرفة
قائم ع التلقين
-------------
دراسة التاريخ ليها معايا قصص شخصية مثيرة جدا .. ماعلينا

المهم ازاي بتدرس التاريخ
مش مهم انك تدرسة وخلاص
المهم بتدرسه ليه وازاي
التاريخ ده واحد من أخطر المواد الدراسية واكثرها اهمالا في بلدنا
احنا بندرس التاريخ عبارة عن جداول وسنوات
وشوية اسباب ونتائج
اذكر في اي عام وقع صلح الحديبية
اذكر الشهر الذي وقعت فيه معركة ابراهيم باشا
اذكر نتائج ثورة 19
إلخ

دي مش دراسة تاريخ
دي مهزلة هلهلة التاريخ وتحويله لورق عتيق وكلام لا يساوري الورق المكتوب عليه
دي سرقة علني لتاريخ أمة بحالها
ودفع اولادها لكراهيته كراهية عمياء

شاورلي على 5 طلبة تعرفهم كانوا بيحبوا التاريخ
او على الاقل فاهمين بيدرسوه ليه؟؟

بلاش تعالى نقرا كتب التاريخ بتاعة المدرسة ونشوف فيها كام مصيبة وخطأ تاريخي

سيبك من التاريخ القبطي العظيم وتجاهله التام في الكتب
تعالى نشوف تاريخ البلد دي بيعرض ازاي
وحط في بالك ان دي المادة اللي المفروض انها تبني وتشكل وعي الاجيال اللي جاية

6:13 م  
Blogger bluestone said...

انا طولت جدا مش ممكن ... انا سرحت في الكلام وكتبت تدوينات مش تعليقات :)
سوري

6:14 م  
Blogger سارة نجاتى said...

هانى
أولا سعدت بالمناقشة اللى دارت بينك و بين بلوستون .

ثانيا : متفقة مع ان القصص الشعبى و خاصة الذى يحكى للأطفال يؤثر على تكوينهم , أنا جدتى لأمى مثلا , لم يكن عندها سوى حكاية واحدة تحكيها يوميا لأولاد خالتى الصغار عن " فوزة و لوزة و موزة" كل يوم يسمعوا مصيبر الأخوات الثلاث الاتى لم يسمعن كلام ماما و بابا , لحد ما العيال جالها تخلف عقلى .

لكن والدى كان يقول لى احك لى أنتحكاية , و كنت أقعد أؤلف فى قصص أحكيها له , ففرض نوعية معينة من القصص هى فى حد ذاتها تلقين , لأنها بتزرع فى عقلية الطفل رأى المدرسة و الذى قد يختلف عن رأى أهله , وهكذا.

لكن موضوع التقليد ده مش وارد , لان زى ما أنتوا قلتوا ده " موروث شعبى " نحن لسنا بصدد تشكيله, و لكننا ممكن نحلله أو ننقده , و نحن دون أن نشعر الأن نشكل موروث أخر لمن سيخلفنا من أجيال , و لن نصدر لهم , سوى الأفكار و المفاهيم السائدة فى مجتمعنا الأن , و ليس ما نتمنى اقحامه فى منتجنا الحضارى .

سلام كتيييييييييير

10:27 م  
Anonymous غير معرف said...

هاني
واحشني

الفيلم ده من عماليق الافلام المصري ... بس اللي يتعظ

وياريت الناس تاخد بالها أن الطفل لازم يفكر ويعبر عن نفسه مش لعبه في البيت ... ساعتها الاجيال اللي جايه هتتطور كتير
ربنا يسمع مني

سلام

11:11 م  
Blogger عباس العبد said...

على بابا راجل طيب .
--
قريت تدوينة نائل يا برنس ؟
الشعب الذى يحتاج الى رموز هو شعب علق بالطبيعة
و على بابا كان رمز
ههههههههههه
فاهمنى
--
حقولك نصوص جامدة جداً
أقرا فرنسيس بيكون و تحطيم الأصنام
دى هدية منى أنا
===

2:17 ص  
Blogger عباس العبد said...

فرنسيس بيكون و أوهام \ أصنام العقل
" .. لذلك تكون الخطوة الأولى هي تطهير العقل وتنقيته وكأننا عدنا أطفالاً صغاراً أبرياء نحمل فقط الأفكار المجردة...".
ذلك ما قاله الفيلسوف البريطاني "فرانسيس بيكون" الذي عاش 65 عاماً (من 1561 إلى 1626)، لكن بصماته مازالت بكل آثارها على الفكر الإنساني حتى اليوم "
-
إن العقل أداة تجريد وتصنيف ومساواة ومماثلة إذا ترك يجري على سليقته إنقاذ لأوهام طبيعية فيه ومضى في جدل عقيم يقوم في تمييزات لا طائل تحتها ، ويتعين حصر هذه الأوهام الطبيعية للاحتراز منها ويسميها بيكون (أصنام العقل) وهي أربعة :
النوع الأول : ( اوهام القبيلة) وهي ناشئه من طبيعة الإنسان ، لذا كانت مشتركة بين جميع أفراده ، فنحن ميالون بالطبع إلى تعميم بعض الحالات دون التفات إلى الحالات المعارضة لها ، وإلى تحويل المماثلة إلى تشابة وتواطؤ ، وإلى أن نفرض في الطبيعة من النظام والاطراد أكثر مما هو متحقق فيها ، وإلى أن نتصور فعل الطبيعة على مثال فعل الإنسان فنتوهم لها غايات وعللا غائية .

النوع الثاني : (اوهام الكهف) وهي ناشئة من الطبيعة الفردية لكل منا ، فإن الفردية بمثابة الكهف الأفلاطوني منه ننظر إلى العالم وعلية ينعكس نور الطبيعة فيتخذ لوناً خاصاً . هذه الأوهام صادرة إذن عن الأستعدادات الأصلية وعن التربية والعلاقات الأجتماعية والمطالعات . فمثلاً من الناس من هم أكثر ميلاً الأنتباه إلى مابين الأشياء من تنوع ، بينما آخرون أكثر ميلاً إلى إلى البحث عن وجوه الشبه إلى غير ذلك من الاتجاهات .

النوع الثالث : (اوهام السوق) وهي الناشئة من الألفاظ ، فإن الألفاظ تتكون طبقاً للحاجات العملية والتصورات العامية فتسيطر على تصورنا للأشياء فتوضع ألفاظ لأشياء غير موجودة أو لأشياء غامضة او متناقضة . وهذا اصل كثير من المناقشات تدور كلها على مجرد ألفاظ .

النوع الرابع : (اوهام المسرح) وهي الآتية مما تتخذه النظريات المتوارثة من مقام ونفوذ , من حكايات و قصص و أفكار السابقين و القدماء .

--
و الرابعة دى هى اللى انت بتتكلم عليها .

2:17 ص  
Blogger Geddo Iskandar said...

الفيلم ده عبقري ... مكنتش أعرف إنهم لسة بيعرضوه لحد دلوقتي :))

القصص الشعبي الغربي فيه أمثلة منيلة برضه ... فيه قصة كانت علينا وإحنا فى تالتة ولا رابعة إبتدائي عن خياط غلبان كان الدبان مدايقة قام قايم متنرفز وضرب ضربة واحدة بمضرب الدبان لقى 7 دبانات ماتوا - ولإنه هايف ومعندوش أي حاجة في حياته يفخر بيها قام عامل حزام وخيط عليه جملة "قتلت سبعة بضربة واحدة" ...

المهم نزل القرية و الناس شافت الحزام فهموا إنه قصده سبع بني آدمين و إبتدا يبقى ليه هيبة ووضع عشان عام على عومهم وتتوالى الأحداث

من الآخر القصة بتروج للفهلوة و العوم مع الموجة ...
آياميها (أواخر الثمانينات) حد هاجم القصة في الجرايد و كان رد الوزارة إنها من القصص الشعبي !!

- أي خدمة :))

2:43 ص  
Anonymous غير معرف said...

لا تجادل و لا تناقش ياأخ علي و الا وقعت فى المحظور.

ان قابلت اعمى اسرق عشاه انت مش احن من اللى عماه.

أمه المليون حرامي

1:46 م  
Blogger bluestone said...

(نحن تواجهنا حقيقة. متناقضة. هي أن التعليم أصبح أكبر العراقيل في وجه الذكاء والحرية والفكرية)

برتراند راسل

لقيتها بالصدفة

2:33 م  
Blogger قلم جاف said...

بوست أكثر من رائع..

وتذكرت في ذلك السياق المسلسل الكريه "لن أعيش في جلباب أبي" المأخوذ عن نص أدبي مقزز بنفس الاسم.. حيث يعرض لنا درساً من دروس الشطارة في التجارة والكفاح الشريف لبطل المسلسل "الحاج عبد الغفور البرعي" كما يتصورها المسلسل.. يدخل أحدهم على المزاد فيرفع السعر فيحصل على مبلغ "تعريق" من المتصارعين للانسحاب من المزاد..

علقت الحاجة أمدها الله بالصحة والعافية وطول العمر: مش دة يبقى حرام؟

قيسي على ذلك "أدهم الشرقاوي" الذي تحول إلى بطل رغم أنه كان في الحقيقة لص وقاطع طريق ، وبطل فيلم "الجزيرة" تاجر المخدرات الذي انتقد مؤلفه "محمد دياب" عائلة "عزت حنفي" بحكم أن الفيلم يسقِط على "عزت حنفي" قائلاً (الكلام لدياب) أن الفيلم دافع عنه.. تذكروا من كان "عزت حنفي"..

لأننا نتحدث عن "البطل" في القصص الثلاث فإن البطل دائماً على حق ، والبطل دائماً شريف ، وعادةً لا يموت في نهاية الملحمة ، وإن مات في نهايتها فإنه يموت منتصب القامة يمشي على رأي مارسيل خليفة.. ومن ثم فإن أي جريمة أخلاقية يرتكبها تهون ما دام مرتكبها هو الهيرو..

9:14 م  
Blogger Ahmed Al-Sabbagh said...

رائع يا هانى
الفيلم شوفتة زمان بس ما اخدتش بالى من الرؤية دى
لكن بماانى مستمع جيد للراديو منذ الصغر فدائما يعرضون نفس القصة فى سهرة اذاعية تحمل نفس الاسم
وكان هذا المفهوم يلفت نظرى بشدة
كيف يكون على بابا هو "الرجل الطيب البطل الايجابى المحبوب " - هو والست مرجانة بتاعتة - وهو سرق فلوس الحرامية اللى هما سرقينها من الناس
طيب نطلع من ده بإيه
امممممممم
اولا ان مش كل الموروث صح
مش بس على مستوى الروايات والقصص لا
حتى فى العادات والتقاليد
وما اكثر المفاهيم الاجتماعية الخاطئة فى مجتمعنا العربى
تسلم ايديك صغت الموضوع صياغة رائعة
احمد

4:01 ص  
Blogger blackcairorose said...

مش عارفة بس بحس ان الاساطير او الموروثات الشعبية بتركز دايما على جانب واحد ما ومش بالضرورة انها تكون منظومة متكاملة

بمعنى ان على بابا بتركز على الراجل الطيب اللى وجد كنز الحرامية واخده لنفسه باعتبار ان الحرامية ناس وحشة وهو كده بشكل ما اتغلب عليهم، من غير بقى الدخول لمستوى اعمق شوية فى التفكير عن مصدر الفلوس والكنوز وليه مترجعش لاصحابها الخ

فى كل اسطورة بشوف الوجه الواحد ده

سندريللا مثلا
محدش قال ليه انه مش صح انها تخدع صاحبة البيت وتخرج من غير علمها وتروح الحفلة وترجع من غير ما حد يعرف
او انها تخدع الامير وتفهمه انها اميرة او ما شابه الخ

او ان شهريار مش مجرد ملك ضحكت عليه شهرزاد ولكنه قاتل ومنعدم الضمير و و و

زى ما انت شايف

دايما فيه بعد واحد للحكاية ويمكن البعد الواحد ده هو محور حكمة الحكاية من غير دخولها فى مستويات اكبر من التحليل والتفسير

يعنى مجرد رأيي

7:30 ص  
Blogger lastknight said...

موضوعك فتح بوابة دهليز مغلق من قرون .. تكوين العقل المصرى .. يااااه .. كيف تشكل هذا العقل و كيف تم تكوين ضمير تلك الأمه
ماريان أيضا أبدعت فى السرد الشاكى
دراسة أساطير الشعوب كركن أساسى من تكوين ضمائر الشعوب ووعيها الجمعى
تحليل أساليب تناول الأخلاقيات الشعبيه للأمم من واقع تراثهم التلقائى
ياالله ..
تصدق بقى .. أنا مش هاعلق هنا .. انا هاراجع مجموعة كتابات عملتها و أنا فى الجامعه زمااااان قوى عن الموضوع ده .. كان جزء من بحث شيق جدا فى مادة أدارة السلوك البشرى .. و أظن البحث بفكرته استمر معى لفتره طويله بعدها
أول ماربنا يسهل و أكتب الموضوع سأهديه لك و لاريان طبعا لنفتح بوابة الجحيم.. أقصد مناقشة تكوين عقلنا
و ألى أن يتم ذلك أرجو أن تراجع المبادىء الأخلاقيه فى القصص التاليه :
- قصة استيلاء القبائل الهلاليه عن طريق خديعة يونس على مملكة تونس الخضراء و خيانة السفيره عزيزه لبلدها
- قصة تفوق سيف ابن ذى يزن على أعدائه بالأستعانه بأخته الجنيه عاقصه
- قصة دخول مملكة سبأ( الحبشه ) فى الأيمان فى عهد سيدنا سليمان .. سواء راجعت القصه من القرآن أو من التوراه .. فالقصتين متطابقتين تقريبا .. لكن ما أقصده هنا هو أسلوب أدخال أمه كامله فى الأيمان ..بالترهيب الحقيقى بالتفوق النوعى !!!

و بعد المراجعه أرجو مقارنة أخلاقيات تلك القصص بأخلاقيات قصتين أخرتين هما :
- قصة حوار سيدنا أبراهيم مع رب العالمين حين طلب منه أن يريه كيف يحى الموتى .. و أقترح هنا المرجع القرآنى بنصه
- قصة مواجهة حورس الشاب لعمه ( العجوز ) أله الشر فى التراث الفرعونى
- قصة الخكم بين على بن أبى طالب و اليهودى التى قام بها عمر بن الخطاب .. و انتقاد على بن أبى طالب للقاضى عمر بعد الحكم

أظنك و ماريان ستفهمان قصدى لو راجعتما القصص المشار أليها .. و ألى أن أنتهى من بحثى الذى سأهديه طبعا لكما .. لك منى التحيه

5:38 ص  
Blogger Ahmed Al-Sabbagh said...

وأيضا القصص التى تعتمد على أن البطل قد وجد كنز او مصباح سحرى او خاتم سليمان وفجاءة تصبح الدنيا "اخر حلاوة" .. عندما كنت طفلا كانت أتأثر بهذة الاحداث فأتخيل نفسى قد عثرت على نفس المصباح
اظنها دعوة صريحة للكسل والاستسهال

9:10 م  
Blogger karakib said...

:) شكرا لكل اللي علقوا :) استمتعت بالنقاش معكم في هذا الموضوع
متفق معاكي يا بلوستون في كلامك

سارة نجاتي ... انت كتبتي تدوينة في التعليق :) متفق معاكي تماما


بسمة
ربنا يسمع منك :)) يا رب

عباس العبد
احبك و انت مثقف و قاري و شكرا علي الكتاب ... نبقي ننزل سوا نشتريه

جدو اسكندر

محدش بيهاجم حاجة و لا بينتقد ده فيروس يا عمنا


أن ايجيبشيان
المثل ده بيجيب لي العصبي بجد

قلم جاف
و ايه رأيك يا عمنا في علي الزيبق ؟؟ يا هل تري كان ايه ؟ علي فكرة مدونتك مغذية جدا بالنسبة لي


احمد الصباغ
فعلا مش كل الموروث و الاعراف صحيحة


بلاك كايرو روز

علي فكرة باستمتع برأيك المختلف دائما و نظرتك المستقلة دي
بس زي الدوا ما له فوايد له اثار جانبية .. في علم كامل في الصيدله اسمه كلينيكال فارما بيتكلم عن انه مينفعش اخد دوا كذا مع كذا علشان هيبقي مالهمش لازمة هيلغوا بعض او حتي هيموتوني ... بس موافقك انه اللي الف القصة ماكانش نيته وحشة اكيد بس لازم ناخد بالنا من اثارها الجانبية

لاست نايت

علي فكرة ده كده وعد غير الاولاني اللي هو بتاع تدوينة عبد الناصر
انا مابنساش :)) اتمني يكون عندك وقت لأني مش هبالغ لو قلت انك فعلا سوبر مثقف حقيقي



كوجنيشين سينس

العفو يافندم .. يا ريتك تشوفي اللي قبلها برضه .. بقي لك كتير ماجيتيش هنا
نورتي مكانك

3:03 م  

إرسال تعليق

<< Home