الخميس، نوفمبر 13، 2008

رموز و ثنائيات

لا اعرف من أين ابدأ فالأمر يبدو كدائرة مفرغة .. تبدأ من الرمز و تنتهي بالمقارنة الثنائية ... ثم تبدأ بالثنائيات و تنتهي عند الرموز و يدور بداخلها الجميع بلا توقف او محاولة للتفكير و لو للحظة في أي شيء بشكل حيادي
الرمز ...فلنبدأ من الرموز ... سعد باشا زغلول زعيم الأمة أو مصطفي باشا كامل مؤسس الحزب الوطني ... جمال عبد الناصر الزعيم او انور السادات بطل الحرب و السلام
هؤلاء جميعا تم صبغهم بصفات ملاصقة لأسمائهم طوال الوقت ... و تمنع أي شخص من انتقادهم او قراءة تاريخهم بشكل محايد لدرجة أنك اذا ذكرت أن سعد زغلول كان مدمنا للعب القمار أو أن جمال عبد الناصر هزمت مصر في عهده و فقدت سيناء تتم مهاجمتك علي الفور
و الاتهام جاهز ... انت تشوه صورة الرموز الوطنية فاذا اتيت لهم من التاريخ ما يؤيد ما تقول و ما يؤيد أن هؤلاء كانوا بشر يخطيء و يصيب و لا داعي لتحميل الامور ما لا تحتمل و محاولة تبرير كل اخطائهم ... يكون الاتهام الثاني جاهزا علي الفور
فاذا انتقدت ناصر فأنت ساداتي و العكس صحيح ... مع أنك لست ساداتي و لا ناصري ... فقط قاريء تاريخ تحاول الاقتراب من الحياد في تحليلك للاحداث ... و لكنك تصطدم دائما بصناع الرموز و حماتها ... دائما يبدأ الأمر بنفس الشكل تلك الدائرة المفرغة التي تبدأ بالرمز و تنتهي عند المقارنة الثنائية ... ثم تبدأ مرة اخري بالمقارنة الثنائية و تنتهي عند الرموز و لا تتوقف ابدا عن الدوران
***
في احدي مؤتمرات البرنامج الانمائي للامم المتحدة التي حضرتها وقفت المحاضرة تتحدث عن هذه الطريقة في التوصيف .. فجأة امسكت بعلبة مناديل في يدها و ضربت احد المشاركين علي رأسه عدة مرات ... ففزع هو ... ثم اعتذرت له
و طلبت من كل واحد فينا توصيف ما حدث ... فقال احد الحضور ... هذا شيء عنيف ... و أخر هذا نوع من الهزار الثقيل ... و عندما اتي الدور عندي قلت لها انه شيء غريب ما فعلتيه
كتبت كل هذه الاراء علي لوحة بيضاء ثم كتبت فوقهم
ما حدث بالفعل هو أنني امسكت بعلبة المناديل و ضربت بها احدكم ... و كل ما ذكرتموه هو رأيكم فيما حدث و ليس ما حدث ... فاذا اردت أن تقترب من الحياد في كلامك و نقلك للاحداث ... فلتقل ما حدث و ليس رأيك الشخصي فيه .. لأن رأيك الشخصي هو نتاج لحالتك المزاجية و خلفيتك الثقافية و الاجتماعية و اشياء اخري كثيرة بالتأكيد لا يشاركك الجميع فيها ... و قد يختلف الناس في تفسير الاحداث التي يمرون بها تبعا لذلك و الحل الوحيد لتقريب وجهات النظر هو ذكر الحقائق .. مجردة من رأيك الشخصي فيها ثم مناقشتة الاراء بعد ذلك
***
اول امس جلست بين اصدقائي و انا الوحيد فيهم الذي لا يهتم بكرة القدم و لا يتابع مباريات الدوري ... فقال احدهم للأخر الأهلي ده رمز الاهلي ده التاريخ ... فرد عليه الأخر يا راجل الاهلي ده نادي الشعب ... فقال لهم الزملكاوي الزمالك هو التاريخ مش الاهلي ... الزمالك اقدم و اعرق من الاهلي ... و سرحت انا بينهم كعادتي في مثل هذه المواقف فالناديين بالتأكيد لديهم من التاريخ و من الانجازات ما يجعل حديث ممل كهذا لا يتوقف ابدا ... تذكرت فقط وقتها صراع المطربين علي لقب امير الغناء العربي ... و سلطان الطرب ... و قيصر الغناء ... رموز و ثنائيات ... عبد الحليم حافظ و فريد الاطرش ... عمرو دياب و محمد فؤاد ... تامر حسني و عمرو دياب

***
اتذكر حديث القهوة العالية عن أن وكالات الانباء هي الاقرب للحياد لأنها لا تنشر مقالات رأي و انما احداث مجردة فقط ... اما باقي الاعلام فيستخدم الفاظ مختلفة مثل حرب تحرير للعراق ... الغزو الامريكي للعراق ... الاعتداء الغاشم
و لنتعدي الطبيعي في تدوينته ...تلاعبوا بنا ... ما دمنا لا نبصر الا بعيونكم
و عباس العبد في تدوينته كل يصلي الي عجواه
اتذكر ايضا حديث عبده باشا عن الشخصية الكاشفة في الروايات ... هي تلك التي تفك تشابك كل الاحداث و الاشخاص في نهاية الرواية ... و حبه و ولعه بمثل هذه الشخصيات التي تري الاشياء بعين محايدة تمكنها من كشف حقائقها يا هل تري سنستطيع يوما ايجاد تلك الشخصيات الكاشفة بيننا !؟ التي تقرب من وجهات النظر و تجمع خيوط الاحداث لتكشف الحقائق و تساهم في حل النزاعات بشكل ايجابي !؟

اتمني.


9 comments:

Blogger ^ H@fSS@^ said...

او لو انا بناقش حاجة في الاسلام يبقى مؤكد بقيت كافرة او مسيحية متخفية في زي مسلمين

اللي انت بطالب بيه او اتتمناه ده صعب يا عزيزي
عمرك شفت اي مدرس عربي بيعلمك تنقد الشعر العربي؟؟
احنا بنحفظه و بس و بنطلع منه صور و معاني طفحناها و بقت هي كمان مقررة علينا
يعني حتى اذا انت حسيت انك شفت وجهة نظر مغايرة فده ممنوع عليك
بينما في اي ادب غير شرقي حتلاقي ان النص بيتفصفص لما تطلع عينه
و كله بالدليل
يعني مقدرش اقول للمدرس ان الشاعر حسيته بيقول كذا او انه يمكن كان قصده كذا و خلاص، لازم اجيبله الدليل المادي من كلمة الشاعر قالها مثلا و بناءا عليه حسيت انا بالمعنى ده
لما نسمح الاول بنقد الشعر و الادب العربي
حنعرف ننقد الرؤساء و الزعماء و نحس ان ده عادي

تحياتي

2:11 م  
Blogger زمان الوصل said...

أعتقد أن الحياد المطلق شئ غير موجود
إذا كان مجرّد تغيير زاوية التصوير لموقف ما أو استخدام كلمه مكان كلمه أو حتى تغيير نبرة الصوت يغيّر من انطباع المتلقّى عنه .. و هذا عن تجربه
يقع شجار بين اثنين و حين يحكى كلّ منهما ما حدث من وجهة نظره و ينقل ما دار من حديث بكل أمانه و يغيّر فقط نبرة صوته يختلف كل شئ .. شخصيا لا أؤمن بوجود حياد مطلق بالذات فى وسائل الإعلام .. الوسائل الغربيه ربّما تكون أكثر حرفيه فلا يظهر لك أنّها متحيّزه كما أنّها قد تكون أكثر قدره على الحركه و المناوره و تخضع لضغوط أقل فتكون نسبة التحيّز لديها أقل ..

زمان اشتركت فى نقاش حول تربية الأطفال و وجوب عدم إجبارهم على أى شئ ضد إرادتهم و أنّه ليس من حق الآباء فرض أى وجهات نظر عليهم .. و كان تعليقى أن التربيه فى حد ذاتها هى موقف متحيّز !! فأنت تربّى أبناءك على قناعاتك و ليس لديك خيار أن تنتظر حتى مرحلة نضجهم كى تبدأ نقاشك معهم حول أفكارك فى الحياه لأن وقتها بكل بساطه هيكون غيرك قد تولّى تربيتهم ..

9:58 م  
Blogger lastknight said...

جميل أن انتبهت لهذا العوار فى الفكر العربى .. بل قد ألومك لتأخرك فى الالتفات لهذا العوار .. و استكمالا لحفصه .. فنحن شعب كلام شاعرى .. لم تنتج حضارتنا العربيه سوى الشعر .. و أعذب الشعر يا صديقى أكذبه
و صار استعذاب المبالغه و تأجيج المشاعر فقط دون ايقاد شعلة العقل هو أسلوبنا فى السرد و الحوار
بينما قبل أن تلتصق حضارتنا بالعربيه .. كنا نفتت صخور الجبارل لننئىء منها معابد و قصور و قبور و مسارح
سيدى .. تخلص من عروبة لعتك العربيه .. تكتشف روعة الكتابه التقريريه .ز باللغه العربيه
كويس أنك بطلت الرومانتيكى اللى صحتى مش بتيجى عليه ده

2:38 ص  
Blogger زبادي said...

Hullo
Long time no see/ read =)
How have you been?

I'm taking a survey course in contemporary world history in college. During the first class, the lecturer mentioned that history is the result of the facts that happened plus the historian's own interpretation. She showed us primary resources about events from WW1 and WW2. None of the historians, government officials, or even normal people gave facts; it was always emotional descriptions of the sort you mentioned. I felt utterly depressed; we would never know true history because so called “historians" were never objective!
If you read "All Quiet on the Western Front" you would be amazed how this same problem led to war.

Hearty Greetings

1:51 م  
Blogger عباس العبد said...

صديقى العزيز
انت عارف ان بقرأ للناس بس مش بعلق , و خصوصاً لأصدقائى و كمان خصوصاً لو الموضوع محكم زيادة , لكن عندى نقطة احب أعلق عليها لأن فى ناس كتباها فقلت اشارك بقراءة قديمة .
--
قريت من فترة طويلة مقال مش متذكر اسمه بالظبط , تقريباً " المنهج فى كتابة التاريخ " أو " اللا-منهج فى كتابة التاريخ " , حاجة كده .
المهم الكاتب بيقول أن مفيش حاجة اسمها حدث تاريخى الا لو قرر كاتب " النص " انها حدث و تاريخى , و ضرب مثال بالناصريين و قال :
على الرغم من أن هزيمة 67 هى حدث محورى هام لأن مصر بعديه مبقتش مصر اللى كانت , الا ان المؤرخين الناصريين مصممين على انها مش حدث تاريخى و انها " هفوة أو كبوة " .
الراجل كان بيزعق فى المقال و كان بيصرخ انه صحيح مفيش حاجة اسمها نص محايد لأنه أى كاتب فى الدنيا له توجهاته , الا ان العقل بيقول ان فى أصول و قواعد لازم تحترم و الا يبقى اللى أنت كاتبه ده مش نص تاريخى يبقى " ده خطاب سياسى موجه .. مقصود بيه حاجة غير المكتوبة " و الراجل بيقول انها قلة ادب انى اتعامل مع التاريخ على انه كلمة بلقيها او خطاب بقوله لجماهير , او انى احاول اشوه التاريخ و اتلاعب فيه لمجرد اثبات ان عدوى سىء , لأنه هو عدوى , فيطلع سىء او يطلع عسول و دمه خفيف أو دمه تقيل , متفرقش معايا لأنه هو يفضل عدوى برضه لأن مصالحنا متضاربة و توجهاتنا مختلفة .
الراجل قعد بعد كده يقول قواعد و طرق كتابة النص التاريخى و كمل المقال
--
المهم
لما حصل اللى حصل للصديقة و كتبت حضرتك ان الواد لازم يتمسك و يتلب علقة و يروح القسم , الناس كلها اتريقت عليك , و لما حصل الموضوع ده بتاع نهى رشدى كلهم بقوا ابطال و لما فكرتهم بالذى مضى و كان , برضه هاجموك و اتهموك بانك مش فاهم حاجة , و ده شىء محير
نقف معاكو مش عاجبكو , ننقد كلامكو مش عاجبكو
طيب نعمل ايه علشان الثوار يرضوا عنا ؟ .. انا مش عارف
--
و شكراً مقدماً

2:48 ص  
Blogger عباس العبد said...

لو تسمحلى كلمة اخيرة
عايز و مصر انها توصل لزمان الوصل
شكراً بجد و الله يسامك بجد برضه ,
شكراً لأنك فهمتى قصدى بدرى عن موضوع العدالة و الله يسامحك انك حرقتى التدوينة من اول تعليق ليكى
انا فخور انى مدون زى حضرتك و فى نفس الفضاء اللى حضرتك بتدونى فيه .
شكراً

2:52 ص  
Blogger youssef said...

و استكمالا لتعليق الفارس الأخير ..

العاطفة .. أوالعاطفة المزيفة التي نتربي عليها و نربي عليها أولادنا و هكذا .. و تغييب العقل .. كبت الأفكار و الابتكارات و مشاريع التغيير التي يحاول الابناء انتهاجها أولا بأول و وأدها قبل أن تظهر للنور .. كأن الآباء رسلا معصومين يتعين علي الأبناء ان يفكروا بعقولهم و يشعروا بقلوبهم و يسيروا بخطاهم .. و النتيجة .. لا عقول جديدة متفحصة و لا اختلافات و لا نزعة للتجربة و التدقيق و وزن الأمور أو ملكة للنقد و التمييز علي اساس موزون موضوعي .. لا تبقي سوي العاطفة مجردة لتحكم علي الأمور فمن يفتقر الدفء و التعاطف قد يجعل من حالما كعبد الناصر الها .. و من يهفو الي سطوة و سيطرة قد يجعل من منتصرا كالسادات قديسا .. وهكذا

و عندما يصبح الفكر عاطفيا في زمن كزمننا به أصلا كل هذا الفراغ العقلي الرهيب تجدنا نتشبث أكثر بأفكارنا العاطفية و نذوب فيها لنسد هذا الخواء العظيم فهذا أسهل و أبسط من أن نبحث بجد عما يبني شخوصنا و يشكل عقولنا من جديد .. و قد نفتعل هذا التشبث حتي .. ليصبح هذا التعصب الكاذب و من بعده التطرف الذي يتوغل الآن أقصي صور استعطاف الفكر و وأد العقل

تغري افكارك بالتعليق دوما .. لك التحية

1:17 ص  
Blogger هيّ said...

تفتكر لو فيه حد جميل كده يفض المنازعات ويطيب الجواء ويحل الألغاز...حكيم وواعى ونقى...فيه حد حيسيبه يعمل ده؟؟
طيب...حيتحب؟؟؟
احياناً بشك...بشك ان البراءة أو النقاء لسه بنفس القيمة كفضيلة...كتير ناس بقوا يشوفوها عقبة فى طريق لعبهم.

على فكرة...اسلوبك فى الطرح رائع وانا زعلانة ان دى اول مرة اقرأ مدونتك.
صباح الفل :)

9:44 ص  
Blogger karakib said...

شكرا لكل من اهتم و علق علي التدوينة
و لكل من اضاف معلومة او خبرة ما في تعليقه عليها

5:08 م  

إرسال تعليق

<< Home