الثلاثاء، نوفمبر 25، 2008

كليو ... لقد اغلق المكان

ذهبت منذ عدة شهور الي هناك ... حيث كنا نجلس ... علي تلك المائدة المستديرة ... طلبت لنفسي قهوة مظبوطة ...و لكي واحدة ايضا ... لم يستنكر النادل هذه المرة هذا الطلب الغريب فقد كان تعود من المرات السابقة علي سلوكي الغريب
في المرة الاولي التي اتيت فيها الي هنا بدونك سألني النادل ... حضرتك عايز اتنين قهوة مظبوط لوحدك ؟؟

فأجبته نعم ... و عندما اتي بالقهوة الأخري ... سألته اين زجاجة المياه !؟
زجاجة مياه و كوب زجاجي واحد لنشرب منه سويا وضعته في منتصف الطاولة تماما كما تحبين
هل تتذكرين يوم أن سألتيني هل تعتقد أن علاقتنا ستظل بهذا النقاء طوال الوقت ... وقتها ادرت كوب المياه في منتصف الطاولة بيدي بعد ان وضعته تحت اشعة الشمس و قلت لكي ... العلاقة ما بين أي اتنين زي كوباية الميه اللي بينا دي ... بتبتدي نقية جدا و من خلالها بنقدر نشوف بعض بوضوح و سهوله ... و مع الوقت الميه بتتعكر و شوية شوية لو ما خدناش بالنا و غيرنا الميه من الكوباية ... مش هنقدر نشوف و نفهم بعض ... وقتها نظرت في عيناي بابتسامة و قلتي لي ... عينيك لونها عسلي .. فتوقف هذا الحديث المرتعش الخائف من المستقبل ... كانت المرة الاولي التي امسك فيها يدك ... سألتيني لماذا ترتعش اصابعك ... فكذبت عليكي ... قلت لكي ان الجو بارد بشدة ... و لكن الحقيقة هي ان الحديث الذي انهيناه اخافني من أن تذهبي مني

*****

منذ عدة شهور وضعت قهوتك المظبوطه امامك و قهوتي امامي .. وكأننا جالسين سويا ... تذكرت وقت أن شردت بذهني اثناء حديثك عن الفيلم السينمائي الذي كنا قد شاهدناه للتو ... كنت معجبة بالبطل ... وقتها قلتي لي مالك في ايه ؟؟؟ فانتبهت من غفلتي و شرودي من خلف الزجاج المطل علي الحديقة الخارجية للمكان ... و نظرت اليكي و قلت لكي انني لم احب البطل كثيرا ... ذكرت لكي أن احد ممثلين الادوار الثانوية اعجبني كثيرا اداءه ... حاولت ان اذكرك به ... و لكنك لم تتوقفي عن الضحك عندما اخبرتك انه صاحب المشهد الصامت امام البطل ... اتذكر يومها ايضا انك سخرتي من كلامي لأنني احب دائما تلك الشخصيات المهمشه ... هل تتذكرين نصيحتك لي ... انا لم انساها ابدا ... الدنيا يا سامح فيلم سينما كبير اوي ... زيه زي فيلم السينما ... لو بتحب في السينما ادوار البطولة يبقي هتاخد في الدنيا دور البطولة ... لو بتحب الشخصيات الهامشية ... يبقي هتفضل في الدنيا شخصية هامشيه .. لم افهم منطقك هذا ابدا ... و ظللت احب اصحاب الادوار الهامشية و المشاهد الصغيرة ... لم اكره يوما بطل الفيلم و لكنه لم يجذبني ابدا ... لم اكن يوما بطل في الدنيا او حتي شخصية هامشية فقد كنت و لا زلت عاشق ... و للعشاق تصنيف اخر ... غير هذا الذي يمجد الابطال و ينسي الأخرين ... يا عزيزتي العاشق يحب الجميع و يتفاعل معهم ... لا لكي يتسع دوره في الحياة او الدنيا او الفيلم الكبير كما تحبين تسمية الحياة ... و انما ببساطة لأنه مجرد عاشق

*****

اليوم يا عزيزتي ذهبت الي نفس المكان .. فقد دأبت علي الذهاب الي اماكننا المفضلة بعد أن تركتيني وحيدا ... امارس الطقوس التي تجمعنا .. في بعض الاماكن التي كنا نرتادها سويا كانوا ينظرون الي علي انني مختل يكتب الرسائل و يمزقها و ينظر الي شخص وهمي امامه علي الطاوله و يتمادي في بلاهته بأن يطلب مشروب ثاني يضعه في الطرف الأخر من الطاولة و لا يشربه ابدا ... كنت استنشق وجودك في تلك الاماكن
انتظر ان تأتي يا
كليو و لا تأتين ... تتركين كل الاكواب ممتلئة و لا تشربين ... كعادتك ... اليوم اكتشفت انني لي الكثير لم أت الي هنا ... فقد كان المكان مظلما ... فتحت البوابه الحديدية فوجدتها متربة ... و استنشقت رائحة الصدأ الرطب في المكان ... نمت الحشائش كثيرا في الحديقة ... و اصبح زجاج الكافيتريا مغبشا بفعل الامطار و التراب ... لقد اغلقوا المكان دون أن اعرف ... كيف لهم أن يقتلوا البسمة التي تظهر في عيناي عندما أتي الي هنا ... الم يكفيهم أن اشياء اخري كثيرة تموت ببطء في اعماقي !؟ كيف لهم أن يقتلوا كل تلك الذكريات !؟
!!كليو لقد اغلقوا المكان

6 comments:

Blogger محمد حمدي said...

جميله قصتك وفكرتها وعرضها .. خصوصا السرد الأنيق العميق الى بياخدك من نقطه للتانيه خلال فتره العلاقه بين الحبيبين .. وان كان موقف السينما والاعجاب بالممثل الصامت مكانش قوى جدا عشان يفهم القارىء منه ان حصل اختلاف شديد فى وجهات النظر انهى العلاقه

القصه رائعه .. وحاسس فيها بظلال التجربه الشخصيه

تحياتى لك

2:57 م  
Blogger TheEgyptian said...

الله دى جميلة جدااا بجد تحفة اخر حاجة
بتفكرنى بالشلة لما كنا سوا فى كل حتة
ولما قفشوا معلم حسنى صاحب القهوة بتاعتنا لما عرفوا انه بيلعب مع الساسة

اتمنى انا نرى المزيد من ابداعتك

6:43 م  
Blogger ^ H@fSS@^ said...

اماذا تاخذنا كليو الى اللاشئ؟؟

استمتع بكتابتك الادبية جدا و اشعر اني كنت هناك في نفس المقهى
تلك الفتاة التي تشرب قهوتها وحيدة تتامل الناس ترى حبيبين يمسكان بكوب ماء و يضعه الفتى في الشمس و تشرد بخيالها لعالم موازي لعالمك
لعلنا يوما ما، لعلنا.....

تحياتي

8:59 م  
Anonymous غير معرف said...

اتابعك منذ فتره
تبدو أكثر نضوجا يوم بعد يوم
و أسلوبك مريح يأخذ القارئ الى الخيال و التصور
أستمر في الكتابة و لا تتوقف فهي تجدد الروح و تغسلها تنقي القلب و تزرع العمق فيه و تجعل تظرتك أنضج مختلفة لما يدور حولك
فلا تغلق المكان أبدا بل جدد روحه و طهره و أجعله يحلق في أرض الواقع و الخيال .. ينظر و يحلل و يرفرف في الافق

تحياتي و أطلب من الله التوفيق لك و لحياتك

11:25 ص  
Blogger اقصوصه said...

جميله

استمعت بقرائتها:)

بإنتظار المزيد :)

10:46 م  
Blogger سارة نجاتى said...

اللى فازت ببوكر السنة اللى فاتت و اللى مش فاكرة اسمها ايه للأسف , كانوا سموا روايتها الكأبة أو القتامة المبهجة و عشان كده ادوها الجائزة , قعدت أتخيل ازاى قتامة و تبقى مبهجة ؟

حسيت بمعناها فى قصتك , ايه سببها مش عارفه ؟ , يمكن لأن كأنك بترسم لوحة مثلا .أو يمكن ده احساس خاص بيا برده , مش عارفة الصراحة

11:16 م  

إرسال تعليق

<< Home