الأربعاء، أكتوبر 03، 2007

اختلطت دموعه بدمائه

كان طفلا صغيرا اسماه والديه صابر ... جسده نحيل ضئيل ذو لون شاحب .. يرتدي نظارة طبيه تبدو كجزء من جسده لا يجرؤ أن يخلعها حتي و هو نائم فهو لا يري أي شيء بدونها و كان يخاف من الدخول في اي اختبار للقوة البدنيه فليس لديه أي مقومات لذلك .. يفضل اثناء الفسح المدرسية ان يتمشي مع احد اصدقائه و يتبادل الكلمات عوضا عن لعب الكرة مثل باقي الاطفال .. لم يكن يشعر بأنه غاضب لعدم امتلاكه أي نوع من القوة البدنيه .. و كان ناجحا في العديد من المواقف التي احتاج ان يستخدم فيها القوة البدنيه في تفادي ذلك متحليا ببعض الصبر و الفطنة
تعلم مبكرا او قل علمته الاقدار رغما عن ارادته ان يتسع صدره و ان يتغاضي عن بعض المضايقات .. لم يكن يدرك مقدار قوته الكامنه ... فضل السلام .. او ما كان يسميه بالسلام ... و يسمونه الناس بسلام الضعفاء
و لكن احيانا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ففي احدي الصباحات الباردة الكئيبة .. كان يمسك في يده بعلبة عصير في اثناء انتظاره في الطابور لدخول الفصل .. و لبرودة الجو وضعف جسده ارتجفت يده قليلا فوقعت بعض قطرات منه علي قميص طفل اخر
و كان هذا الاخر من اقوياء هذا المجتمع الصغير ... لا يتردد في دخول اي معركه بل كان يذهب الي المعارك بنفسه حتي و ان كان ليس طرفا بها ليثبت للجميع انه الاقوي
و بات من الواضح امام صابر انه لا مفر من الدخول في معركة ... او قل أنه شعر بأن الاخر لن يتركه و هو لا قبل له بمواجهته بهذا الجسد الضعيف النحيل المرتجف ... و في اثناء دخول الطابور الي الفصل .. توعده الأخر بمعركة سيشبعه فيها ضربا و في اول فرصه ممكنه
كان خائفا جدا طوال ساعتين .. من الواضح انه وضع في اختبار للقوة رغما عنه و عندما دق جرس الفسحه أو قل طبول الحرب الغير متكافئة ... خرج جميع الطلاب و شكلوا دائرة من حول الأخر .. كانت تلك الدائرة من المشاهدين محكمة بشكل يجعله لا يستطيع الفرار ابدا ... لم يكن المشاهدين يقصدون ذلك و لكنها تلك الاقدار التي لا تكف عن لعب دور في حياة الصابرين ... كان صابر يخاف من الخروج و لكنه قرر أن يفعل فقد قال لنفسه انه ان كان ليس هناك من بد للهروب ... فلا بد من ان استجمع كل قوتي في لكمة واحدة ... ربما تؤذيه قليلا ... و لكن هذا كل ما استطيع ان افعله ... و بالفعل ... خرج صابر بسرعة وسط ابتسامات سخرية الأخر و بعض المشاهدين و لكمه في اسنانه بكل ما أوتي من قوة ... و للمفارقات الغريبة وضع الأخر يديه الاثنين علي فمه متألما و بكي .. و عندما تحركت يديه اختلطت دموعه بدمائه .. فقد كسر صابر ... احد اسنان الأخر ... و لكنه لم يفقد بعدها ابدا طول الاناة و الصبر ... و لم يدخل في أي اختبار للقوة الا بعد ان استنفذ كل الخيارات الأخري المتاحه .. و استغل الأخر كل المساحات من الصبر ... صابر لسه صابر

8 comments:

Anonymous غير معرف said...

بوست جميل أوي يا هاني
بس صابر مش هايستنى صابر كتير

12:31 ص  
Blogger frozen love said...

gamel awy ya hany...ft7t nfsy 3la elblogs tany b3d elgheba de

nice one

5:00 ص  
Blogger Ahmad Hegab said...

تحياتى يا هانى باشا

أحاسيس جميلة اوى رجعتهالى و انا بقرأ البوست دا

فكرتنى بحكاية ولد صغير فى مدرسة أبتدائى كان شبه صابر كدا


تحياتى يا باشا

8:27 ص  
Blogger حاول تفتكرنى said...

عبرت بحروف سلسة

حملت لنا المعاني كاملة

تحياتي

12:15 ص  
Blogger على باب الله said...

بوست جميل بشكل وحش

عجباني قوي كثافة القصة في أقل عدد ممكن من الكلمات

1:28 ص  
Blogger karakib said...

يَحيى المِصري

يحيي .. صدقني صابر .. لسه صابر


Cognition-sense

شكرا لأطرائك الجميل .. دايما الجميل يشوف كل شيء جميل

10:38 م  
Blogger karakib said...

frozen love

يا فندم انا ليا الشرف اني افتح نفسك


ahmEd_H

صابر في منه كتير :) كتير اوي اوي اوي

10:39 م  
Blogger karakib said...

حاول تفتكرنى

اطراء جميل لا استحقه يا سيدي


على باب الله
بوست جميل بشكل وحش .. التعبير نفسه مدهش
و جميل
شكرا لك

10:41 م  

إرسال تعليق

<< Home