الاثنين، سبتمبر 17، 2007

سكنا و مودة و رحمة


تقلب بغضب يمينا و يسارا فوق السرير ... انها المرة الرابعه التي يستيقظ فيها ما بين منتصف الليل و الفجر ... بدت المراتب القطنيه التي كانت يوما ما اكثر نعومه من الحرير .. كأرض مفروشة بالاشواك .. لا يستطيع النوم عليها الا و هو يستنشق رائحة عبير عرقها ... اشعل سيجارته و حاول أن يتلاهي عن هذا التفكير بأن يرتب لما سيفعله صباحا .. فقد افتتح محل أخر في سلسلة محلاته التي بدأت تأخذ شهرة و تدر عليه دخلا كبيرا
جلس امام مكتبه .. يحسب حسابات وهميه يعلم انه لا ضرورة لها .. و لكنه يحاول الهروب من التفكير في ما فعله بها في ايام اقامتها الاخيرة في هذا البيت الذي كان يبدو كقصر في وجودها

يا هانم انت ما بتخلفيش ! فاهمه يعني ايه ما بتخلفيش !؟
يعني تسكتي خالص ما اسمعش صوتك و لا تطلبي أي حاجة و لا مطلوب مني اني اصرف عليكي قرش !! ايه ده !؟ كمان ما بتاخديش الدوا !؟؟ .. و ديني لأاطلع عليكي التمن سنين جواز تهزيق و بهدله
يا هانم انت وظيفتك تخلفي .. فاهمه يعني ايه تخلفي !؟
ماجستير ايه !؟ و دكتوراه ايه !؟
و لا كأنك مخلفة اربع عيال و بتجملي في نفسك بتكملي دراستك علي ايه !؟ حاجة تقرف
انا لازم اتجوز تاني
يفاجأ بأنه يقول هذه الكلمات و هو يقف امام المرآه و الدموع تسيل من عينيه ... تحرق وجنتيه بشدة من حرارة الدموع المنهمره
يتراءي له مشهد انه حاول تقبيل قدميها كي لا تذهب يوم اعدت حقائبها و قررت الذهاب الي الأبد
ينظر الي سريره و يشعر ببعض كرامته المهدرة امام الجميع قد استردت عندما منعها من أن تأخذ معها غرفة نومهم يوم أن طالبته بذلك ... لم يكن يعي أنه سيصب علي رأسه جام غضب و شوق و لعنة لا متناهيه كلما احتضن احدي الوسادات التي تحمل رائحتها المعطره .. تزول الابتسامه من علي وجهه و يبدأ مرة اخري في انزال دموع جديدة تدفيء تلك التي بردت فوق و جنتيه ... يغذيها بشلال أخر من الحرارة بتأثيره حفر في وجهه مجري لنهر احزان لا ينضب ...أصبح نحيلا .. لا يتمني الا هي .. لا يهمه أن كانت تنجب أو لا
نظر الي الي سقف الغرفه و قال
ان شالله كل محلاتي تقفل بس ترجع
و في غمرة انفعاله تذكر أنه لا زالت لديه صورة لها كان قد خبأها و هي تلملم ما لها .. فأخذها و وضعها فوق أحدي الوسادات .. استنشق القليل من عبيرها و بدأ في تقبيلها كالمجنون ... استيقظ لبرهه متذكرا أن أحد اصدقائه يبيت معه .. فتدارك الموقف و خاف من أن يراه احد يفعل ما يفعل فيتهمه بالجنون او الضعف و هو هذا القوي الذي لا يقهر و الذي يحسب له الجميع الف حساب.. فيمزق صورتها .. و يبللها بدموع لم تعد تجدي في ارجاع ما فات ... و يلقي بها من شرفته و يقع فوق الارض كالذبيحة مجهدا ... فقد استسلم لشعوره بالفشل في النوم فوق هذا السرير بدونها
و لا تتركه الذكري في نومه تعذبه تماما كما فعل بها طوال سنين عدة فقد سقط قناع الشهيد الذي كان يرتديه امام نفسه و اتضح له وجهه القميء ... لم يعد يملك رفاهية عدم الندم ... فقد استهلك عدم الرضا بحاله من عمره الكثير ... و حان وقت حصاد ثمرة الالم المرة
و لا يسعني الا أن اتذكر مقولة سقراط الشهيره التي تقطر حكمة عندما وقف امام متجر مليء بشتي انواع السلع التي لا يستطيع شراءها و تأملها طويلا ثم قال .. ما اكثر الاشياء التي لا احتاج اليها
فمن لا يدرك المعني العميق لهذه العبارة يحكم علي نفسه بنفسه بمثل هذا العذاب الي ما لا نهايه و يعايش وحوش افكاره السلبيه بالرغم من خطورة ان تتجسد امامه و تنهشه و ينشغل دائما بالهجوم علي الأخر
عجبا اتعجب فهل هذه هي الحياة الزوجية التي ارادها الله لنا سكنا و مودة و رحمة !؟ ان نقضي علي انفسنا باستثمار الشعور بالحرمان من شيء ما ليتحول لحرمان ازلي من الراحه و نظلم انفسنا و من يحبوننا .. او من كانوا يوما ما يحبوننا عجبا اتعجب من طبائع البشر و افعالهم

12 comments:

Blogger إيمــــان ســعد said...

رائعة يا هاني

بل اكثر من رائعة

:)

انت الافضل دائما

تحياتي الخالصة

5:44 ص  
Blogger 2 u ALL said...

أخي العزيز ..!! الدنيا لا ترحم أحداً ..!! ولا .. ولن تنتظر أحداً ..!! فهي في سير عجيب وحركه لا تقف ..!! من عرف هذه الحقيقه وتعامل معها بالطريقه المناسبه ..!! ربح ونجى وفاز ..!! ومن جهلها خسر وتعب ووقع في الهم ..!!؟

12:58 م  
Blogger Lasto-adri *Blue* said...

ليلى دى
;)

بس فى العادى يا هانى اظنه ح يتجوز واحدة تانية.. مش ح يقعد يعط عليها كتير

4:51 م  
Blogger bastokka طهقانة said...

ايوة قول يا بيكيا قول

مين يفهم و مين يقدر
اوروفوار

9:07 م  
Anonymous غير معرف said...

رائع كعادتك يا هاني
مش عارف ليه في الأول مصدقتش بكاؤه حسيت إنه بيبكي لشعوره إنه فقد حاجة و خلاص الشعور الغريزي الموجود جوا كل إنسان حب التملك حتى تملك الغير
لكن بعد كده في مرة قراية تانية حسيت شعوره هو حزن حقيقي يمكن رغم كل قسوته في البداة إكتشف إنه فعلا كان بيحبها

11:51 م  
Blogger Christa said...

unfortunately we always throw the stones in the faces of those who love us the most...

chapeau!

4:55 م  
Anonymous غير معرف said...

الله ياهاني الله بجد وجعتني قوي قوي

3:21 ص  
Blogger عباس العبد said...

انضم الى الحملة
حملة
سى السيد
vs
كلنا ليلى
شارك معنا فى اعادتهن الى رشدهن
طالبهن رفع شعار
كلنا امينة
زوجة سى السيد
....
قولوا ورايا يا بنات
كلنا امينة

1:07 م  
Blogger karakib said...

إيمــــان ســعد
الاروع هو زيارتك يا دكتور


2 u ALL

و من وعي التاريخ في صدره اضاف اعمارا الي عمره

تاريخ مش بس اللي في الكتب

2:06 م  
Blogger karakib said...

Lasto-adri *Blue*

هي ليلي بعينها اكيد :) ايه اخبار المشاريع القادمه ؟


bastokka طهقانة

اللي يقدر يكسب
و اللي ما يقدر يخسر كتير اوي

2:08 م  
Blogger karakib said...

يَحيى المِصري
هو اكيد كان بيحبها يا يحيي بس الاكيد اكيد انه كان بيكره نفسه


Christa
و كمان بننسي نقول لهم قد ايه هم مهمين بالنسبه لنا طول الوقت

2:09 م  
Blogger karakib said...

shaimaa

منوراني :) الوجع اللي بيوصل للناس من خلال سطور قليلة مكتوبة اكيد لا يقارن بوجع هذا الذي قتل نفسه بنفسه دون ان يدري


عباس العبد

عباس العبد اطلع من دول :)
من دول اطلع يا عباس
اطلع من دول يا عباس
:) مش مصدقك علي فكرة

2:12 م  

إرسال تعليق

<< Home