السبت، سبتمبر 22، 2007

مجنون بحريتي او حر بجنوني لا فارق ابدا


دخل الي المقهي و جلس امامي لينظر الي بتمعن شديد .. حاولت التهرب من عينيه التي كانت تحدق بي طوال الوقت .. لم استطع ان اهرب من نظراته فقاومت النظرات بهدوء خارجي مصطنع و نظرت اليه مباشرة
يرتدي ثياب نظيفه .. يدخن المعسل بوقار شديد ... و يحتسي الشاي و لا ينزل عينيه من علي
و اذ به فجأة يصيح بصوت عالي اشبه بالصريخ ... ولاد الكلب قتلوا السمكمك مكمك مكمك و هو يحرك يديه و وسطه راقصا
انتاب جميع رواد المقهي ضحك صاخب .. مختل عقليا يتكلم .. يقول ما يريد و يفعل ما يريد

مارا بأحدي الشوارع القريبة من منزلي ... وجدت اخر يجلس امام عقار يتم بناءه فوق كوم من الرمال يستمتع بالشمس و يقرأ جريدة قديمة و يضحك من قلبه .. ضحكة عاليه جميله من التي اسمعها قليلا و تصيبني بعدوي الضحك .. ليصمت قليلا و يعاود القراءة و يدخل في نوبة اخري من الضحك الصافي الجميل .. وقفت اتأمله يبدو مستمتعا كمن يجلس علي شاطيء من شواطيء جزر الكاريبي او فوق جزيرته الخاصه التي اشتراها في عرض المحيط و ينفعل ضحكا بقراءة رواية ساخرة

جلست فوق سور حديقة في منتصف الميدان ... تغني بصوت سييء للغاية و تلقي بأحجار صغيره علي الماره و
هي لا تتوقف عن الحركة .. تارة تغني بصوت منخفض و تحدث نفسها و وجهها يعبر عن قلق و حزن خطير و تارة تغني بصوت عالي اغنية لا استطيع تمييز كلماتها ... و تعري أجزاء لها كرامة من جسدها دون خجل و هي تغني

لا اعلم لما يثير انتباهي هؤلاء الاحرار ... نعم انهم احرار فقد حققوا حريتهم و لو في خيالهم و ان كان بمرضهم النفسي ...من منا يخلو من مرض نفسي .. و هل يصح البدن كاملا في أي وقت لكي تصح النفس كاملة !؟ و هل الكمال من صفات بني البشر !؟
اتذكر قصة كنت قد
قرأتها منذ سنين عدة عن طبيب نفسي شهير يتكلم عن مرضاه في مذكراته الشخصيه

عن سيدة اصابها مس من الجنون بسبب ضغوط المجتمع عليها لأنها لم تكن تنجب
و كان كلما يزورها في غرفتها تقول له .. ارجوك هنئني فقد انجبت ابنا جديدا بالامس .. و تشير له الي وسادة تحتضنها بحنان ... و تهدهدها بفرح حقيقي .. و تغني لها ... قال الطبيب النفسي تعليقا علي ذلك انه ان كان يمتلك القدرة علي اعادة العقل لهذة السيدة ما كان ليفعل ذلك بالتأكيد و استند بحجة قوية لهذا الرأي و هو انها حققت سعادتها بهذا المرض النفسي

في كل مرة انظر الي عيون احد هؤلاء المختلون ... اري شيء واحد يجمعهم الا وهو عيون حرة تومض بقوة
لا اراها في الكثير من الذين يطلق عليهم عقلاء او حكماء او قل ما تريد من الاوصاف عنهم
فهل المواهب قرينة الجنون !؟ و هل اذا تحدث المجنون الي طبيبه سيقول له
ايها الطبيب .. أن كنت طبيبا حاذقا فداو نفسك قبل ان تداويني
و يا ايها الناظرون الي كلامي هذا ! ان كان فيه ما يجرح شعوركم او لا تهضمه معدتكم الضعيفه , فاعذروني لأنني كما تقولون ... مجنون بحريتي ... او حر بجنوني لا فارق ابدا

و يتبع ذلك بوابل من السباب و الضحك فالمجنون يري الجميع مجانين فمن منا العاقل و من المجنون !؟

و هل يذيب الجنون الشجون!؟

ولاد الكلب قتلوا السمكمك مكمك مكمك




24 comments:

Anonymous غير معرف said...

it's this sense of being carefree...! that's all! :)

3:13 م  
Anonymous غير معرف said...

برضه كنت ماشي في الشارع و شوفت واحدة بتكلم نفسها بصوت عالي و تغني بالفرنساوي
كان في حاجة بالمعنى ده في رواية فيرونيكا تقرر أن تموت إن المجنون هو بس واحد عايش في عالم لوحده نقدر نقول عليه حتى عام موازي مختلف عن عالمنا

12:50 ص  
Blogger lastknight said...

يانهار اسود .. باشمهندس .. أوع تكون ناوى تبقى حر أنت كمان ؟ لأ و النبى .. خليك كده .. شوية قيود و سنة حريه بس مش كتير .. موضوعك رائع كالعاده .. لامست ألباب الحقائق .. و اثرت ابتسامه حائره .. ربنا يكفينا شر الحريه اللى من النوع ده

3:03 ص  
Blogger Alexandrian far away said...

ربما يكون الجنون هو تحرير الأحلام من قهر الواقع، تخيل لو لم يكن بالعالم مجانين
كم سيكون بشعا وخاويا ورماديا وبلا طعم
عاش الجنون
عاش المجانين

تحياتي

12:10 م  
Blogger karakib said...

Epitaph
ده احساس صعب اوي الواحد يحصل عليه مش سهله اوي كده زي ما انت فاكره
بس هل من الممكن الحصول عليه و الواحد عاقل ؟؟ مش عارف


يَحيى المِصري

يا بخته بعالمه الموازي الذي صنعه لنفسه .. ورد علي احد ابطال مسرحيات شكسبير مقولة بتقول غريب هو هذا العقل البشري الذي يستطيع ان يخلق لنفسه جحيم ليحترق به او جنة يتنعم بها
انا ما قريتش رواية فيرونيكا علي فكرة بس من الواضح اني محتاج اقراها
المجانين يا يحيي عادة بيكونوا من اللي بيتكلموا عدة لغات و كانوا في يوم من الايام ناس محترمه اوي و بيفهموا اوي و لديهم ذكاء
تفتكر ايه اللي بيعمل فيهم كده
عارف انه بين العقل و الجنون شعرة لكن ايه اللي بيقطعها !؟

3:16 م  
Blogger karakib said...

lastknight
مش بمزاجي صدقني .. لكني مجرد ملاحظ لأحوال البشر و مش بايدي عقلي او جنوني و اتمني انه ربنا يديم نعمة العقل عليا
انا باشوف مجنون مشهور في شبرا اسمه عاطف بيتكلم فرنسي و ايطالي و انجليزي .. يعني بينطق اربع لغات و بيقولوا الناس العجوزة اللي في المنطقة انه كان راجل محترم اوي و عنده معارض سيارات كتير و اراضي و انه له اخ دكتور محترم اوي زيه مات
عارف كل ما اشوف واحد منهم باحس انه حر اوي
حتي في نظرات عينيه و كلامه و ردود افعاله
و كأنه بيسخر من العاقلين
زي ما بيسخروا منه بالظبط بس يمكن اكتر لأنه بيشوفهم كتير
نفسي مرة اشوف اتنين مجانين بيتعاملوا سوا
تفتكر هيفهموا بعض !؟ و لا كل واحد منهم ملك مملكة عقله و نفسه !؟ مش عارف بس كلهم بيجمعهم عيون و افعال حرة حرة حرة لأقصي الحدود



Alexandrian far away

ياااااااااااااااااااااااااااااه
الكلمة دي تصلح مقولة بجد
ربما يكون الجنون هو تحرير الأحلام من قهر الواقع،

لأ هي مش ربما هي حقيقة
الجنون هو تحرير الاحلام و الامنيات من قهر و قمع الواقع التعس الي اشياء لا مرئية للناس و مرئية لصاحبها
عالم موازي زي ما يحيي المصري بيقول
لكن عالم يملكه صاحبه بالكامل
كل اللي بيعملوه المحانين
صادق
حقيقي و هذا ما يفتقده الكثير من الحكماء و العقلاء للأسف

3:24 م  
Blogger youssef said...

يمكن الجنون يقتل الادراك زي المنومات كده .. يعني سعادته مش محسوسة اصلا .. لكن مع العقل برده يفضل فيه احتمال و لو ضعيف جدا لسعادة بجد .. حتي لحظة السعادة دي مش بنعيشها بوعي .. قول بتخدر شوية بس مش بتنيم زي نوم اصحابنا المجانين
بالنسبة للمواهب .. يمكن تكون مرتبطة منطقيا بالجنون فعلا علي اساس ان الناس دي بتكون عندها طاقات عقلية و نفسية زيادة او مختلفة ممكن تبعتهم فعلا لعوالم ربنا بس يعلم بيها .. فكرتني بجون ناش في العقل الجميل .. من البروفايل لقيتك شفته .. اوعي تقول لي انه مسالة مختلفة .. لا ابدا .. ما هو لولا الحب اللي سانده .. و تواصل بعض تلاميذه و اصدقائه معاه لاصبح مصيره في السمكمك او مع عاطف بتاع شبرا اللي بيتكلم لغات
الحب و التواصل ده هو اللي غاب من الافراد حوالين صاحبتنا اللي مش بتخلف طبعا سبب احباطها و هو الحاجة الوحيدة اللي ممكن تنقذها زي ناش بالظبط .. هو بس اللي يدوب الشجون .. لكن جنونها .. نيمها اكيد .. زي الاطفال لكن .. ما اسعدهاش زي ما سعادة الدكتور بيقول
الواحد يكون حر .. لو كان له
احساس و شعور .. له ارادة .. لو بيفرح و يزعل .. بس اصحابنا محايدين .. عشان كده يتهيالك انهم اقوياء و يموتوني من الرعب من غموضهم و لان ماعندهمش حاجة يخافوا عليها .. اتحرروا من كل حاجة حتي شعورهم بالحرية ..
معلش للتطويل والنبي .. اعتبره بمناسبة الجنان بقي .. و سلام

2:21 ص  
Blogger شــــمـس الديـن said...

تملي كنت ببص للناس اللي بيقولوا عليهم " عندهم لطف " و بيصعبوا عليا و بقول الحمد لله علي نعمة العقل ...و ببعد عنهم بسرعة لحسن حد شكلي ميعجبوش و يموتني ...

لكن عمري ما فكرت فيهم بالشكل دا

انت بجد يا هاني صدقا من الاقلام التي اهرع اليها حينما تضيق بي الدنيا و اريد الهروب من العالم المادي الي عالمك الجميل

دمت بخالص التحية و الود

12:16 ص  
Blogger ^ H@fSS@^ said...

صدقت يا هاني مليون الميه
فهنيئا لهم جنونهم بالحرية و خيبة تخيب اللي فاكر نفسه عاقل
الا يحن كل منا ان يفعل ما يريد و لكنه الخوف من القيل و القال الذي يتخذه الناس ذريعة لالقاء التهم و الحكم كانهم ملائكة

11:15 ص  
Blogger karakib said...

يوسف

كلامك اعطي بعد جديد للتدوينه .. الشعور بالحريه في ظل وجود عقل مدرك لهذا الشعور شيء رائع و لكنه غير متوفر للكل
او بمعني اصح يصعب توفره كاملا لأي انسان
جون ناش كان يعاني من هذه الهلاوس في رأيي لأنه مخه اذكي كثيرا من البشر العاديين الغير مبدعين

قريت قصة الراهب الاسود لأنطون تشيكوف؟ لو قريتها هاتحس انه نظرة مختلفة لقصة بيوتيفول مايند و بتقول نفس الفكر تقريبا .. غريب امر العقول الذكية التي تصيبها تلك الهلاوس و الاختلالات

زي ما تكون مركب موتور ستة الاف سي سي علي شاسيه 128 هاتتعب و عمرها يقصر لكن سرعتها و ادائها هايكون مدهش بالرغم من بعض الاختلال الذي يتخلله

بمناسبة الجنون تطويلك لم يكن بلا داعي و لكن كله افكار جديده تضيف بعد لم يرد في ذهني اثناء كتابة التدوينه و ده في حد ذاته شيء مفيد جدا أنك تتواصل بافكارك مع الاخرين
نورت مكانك يا عم يوسف

12:43 م  
Blogger karakib said...

شــــمـس الديـن
عارفه بقي انه كتير منهم بيبقوا طيبين جدا !؟ اصل الطيب يسهل استثارته كما يسهل ارضائه تماما
يعني الناس دي بابتسامه او نصف جنيه او كوباية شاي و لا حتي ساندويتش بتبقي ممتنه اوي و استحاله تؤذي من يفعل معها الخير علي عكس الحكماء و الاذكياء العقلاء
بس المشهد المرسوم في عيوننا عنهم انهم ناس مخيفة و انه العيال الصغيره بتجري وراهم تضايقهم و هم يرموهم بالطوب و ما يوقفوش شتيمه فيهم !! شيء غريب جدا ! مش كده ؟؟ حقيقتهم مختلفه
اصله اني ما اعرفش فلان ايا كان مين فلان ده يخليني اكرهه
لكن متي عرفته ربما التمس له العذر و ربما احبه ايضا
مافيش انسان بلا مميزات مهما ظهر عليه انه سييء و مخيف
الاصل في مخلوقات الله هو الجمال في كل شيء

12:48 م  
Blogger karakib said...

HafSSa

كلنا نحن لأن نكون احرار
بس فعلا اشياء كتير بتحدنا
اوقات كتير بيبقي نفسي اجري اجري اجري و اتزحلق علي الارض الرخام في اي مكان واسع معمول بالرخام زي زمان
لكن ... ما ينفعش :) هايقولوا عليا مطرقع
تعرفيش حته واسعه متبلطه رخام مافيهاش ناس اقعد اتزحلق فيها علي مزاجي ؟؟؟

12:58 م  
Blogger ^ H@fSS@^ said...

تعالى عندي
الشركة اللي بشتغل فيها فيها رخام كبير و بيزحلق
و ممكن استنظرك لماالموظفين كلهم يمشوا و تتزحلق براحتك

1:44 م  
Blogger karakib said...

HafSSa

علي حد علمي انت بتشتغلي بعيد اوي و التاكسي هياخد مني فلوس كتير علشان اوصل لك
ده غير اني ما اعرفش تاكسيات برمائية

9:02 م  
Blogger ^ H@fSS@^ said...

يا عم انت فين
انا بقيت على بعد جزيرة عربية واحدة منك

9:34 م  
Blogger م said...

ازيك يا هانى
انا قريتلك اكتر من مره
بيعجبنى اوى نظرتك للأشياء وطريقة تعبيرك عنها
انا شفت حالات من اللى حكيت عنها بحكم شغلى او بحكم دراستى بمعنى اصح لان ده كان ايام الكليه بس
بس تعرف الناس دى لو خفوا فعلا وعرفوا ان حد شافهم وهم كانوا كده هيزعلوا جدا
سعادتهم مرتبطه بكونهم مش عارفين انهم كده
تحياتى ليك

6:25 ص  
Blogger يا مراكبي said...

ملاحظة رائعة أحييك على ملاحظتها وهي الوميض اللي في عيون هؤلاء

تصدق بقى إن أمثالنا من اللي فاكرين نفسهم عقلاء وعالمين ببواطن وظواهر الأمور ممكن ما تلاقيش في عيونهم الوميض ده ده ممكن تلاقي العكس جدا كمان؟

10:41 م  
Blogger مُزمُز said...

من أول العنوان

موضوعك جميل بجد

:)

11:44 م  
Blogger karakib said...

HafSSa

يعني ادفع لبتاع التاكسي كام بالظبط يا حفصه ؟



محمد الهنداوى
شكرا علي ثنائك علي ما كتبت يا محمد
علي فكرة انا ما اتعاملتش معاهم كتير لكن اعرف شوية منهم و مش مختلين طوال الوقت احيانا بيبقوا عاقلين جدا و ما تعرفهمش من العاقلين في الاوقات دي

3:54 ص  
Blogger karakib said...

يا مراكبي

عادة بالاقي مافيش وميض اساسا
و لا اي نوع من الحرية لدي العقلاء مهما علت مناصبهم و كانوا اقوي انطفأ ذلك اللماع في اعينهم

نورتني يا عمنا



مُزمُز

يا باشا الجميل يشوف كل حاجة جميلة
تعيش و شرفت مكانك

3:56 ص  
Blogger أنا عربي said...

حلوة و تتحس أوي.

12:10 ص  
Blogger karakib said...

Arabiology
الاحلي و الاجمل هو مرورك من هنا اتمني يتكرر .. كتير

10:42 م  
Blogger Blank-Socrate said...

هم فعلا احرار
لكن فقدوا كل شىء حتى انفسهم
لن نبحث من الجانى هم ام الذئاب المحطيين بهم
لكن كان اجدر بهم الصبر و المواجهة للضغوط الرهيب التى تعرضوا لها ليصلوا الى تلك المرحله
اما المتحررون الحقيقيون
و من امثلتهم الرهبان الحقيقيون
فها بالفعل احرار متجردون اعلى من اى احداث

11:16 م  
Blogger karakib said...

Blank-Socrate

و هل هناك مثل الرهبان بارادتهم الحره اختاروا ان يرتفعوا عن الماديات
و لكنه نوع اخر من الحريه يا عزيزي لا مجال لمقارنته بما اقوله هنا فهو ارقي كثيرا من الجنون

11:06 ص  

إرسال تعليق

<< Home