الثلاثاء، مايو 11، 2010

الله يرحمها

كان يقولها بكل فخر , الله يرحمها كانت دايما تعمل كذا , او الكلام ده شبه كلام المرحومة , في المرات الأولي لمجيئه الي المقهي استنتجت انه كان متزوجا , بالرغم من صغر سنه الشديد , و أن زوجته توفيت , الي ان قال لي ذات مرة , المرحومة الاولانيه كانت بتحب الرغي في التليفونات اوي , ايام ما كانت الدقيقة بمئة خمسة و سبعون قرش , و لذلك السبب تركتها , توقفت قليلا عند كلمة المرحومة الاولي
!! هذا يعني أنه توجد مرحومتين
استفسرت منه عن معني الكلمة , هل كان متزوجا و توفيت زوجته !؟ دخل في فاصل طويل من القهقهه قبل أن يجيبني , انا اللي تسيبني تبقي ماتت , و أي واحدة حبيتها و سابتني يبقي الله يرحمها ماتت اكيد
استغربت اسلوبه التبريري , لاحظت من بداية حديثي معه أنه لم يكن يقبل ابدا بأن يكون رأيه خطأ , فهو دائما علي صواب , هو مركز الكون و ما عداه هم توابع و اشخاص هامشيين في الحياة
الامر المضحك أن عدوي كلمة الله يرحمها انتقلت لكل رواد المقهي بعد ذلك , فقد كان مبدعا في اطلاق التعابير الصادمة
مع الوقت اعتدنا وجوده بيننا و مفارقاته الساخره الفجة , فمرة يمر من الميدان امامنا كاسرا الاشارة و هو يضع يده فوق اللوحات المعدنية للفيسبا حتي لا يستطيع الشرطي تحرير مخالفة له مشيرا باصبعه الاوسط لكل السيارات الاتية من الجهة الأخري و التي تتوقف في فوضي مطلقة اشارات التنبيه الصوتيه لكي لا تصطدم به و ببعضهم , و يخبرنا بعد ذلك انه كان لا يقصد أي اهانة و انما كان يرد لهم التحية , و مرة اخري ياخذ من احد المتسولين كل الفكة التي معه و يعيدها اليه ناقصه بعض الجنيهات دون أن يدرك المتسول , ثم يعيد اليه ما سرقه منه علي أنه منحة سخية
!! فيشكره المتسول
ذهب هذا الصديق , ركب البحر في رحلة هجرة غير شرعية الي ايطاليا , و لم نسمع عنه أي شيء بعدها لسنوات طويلة , لكن بقيت ذكري قفشاته و ظلت تعريفاته مستخدمه
كنت قد قررت منذ عدة اشهر أن اتذكر احلامي لكي افسر لماذا اتيقظ في مزاج معين , سلبي أو ايجابي , و اكتشفت أنه توجد علاقة وثيقة بين الحلم و العلم , إن كان الحلم سيئا اتيقظ بمزاج عكر و العكس صحيح , اليوم اتاني حلم بعض تفاصيله تتكرر من فترة لأخري , و لكن الجديد أن الصديق الذي ينهي حياة حبيباته كان من مكونات الحلم , يبدأ الحلم عادة بشعور سعادة طاغ , ادق بقدمي في الارض دفعا الي الأعلي , و احرك يداي كأنني اسبح في المياه , فأطير سابحا في الهواء , امر فوق الشوارع التي اعرفها , اتأمل تفاصيلها من الاعلي ببهجة شديدة , في هذه ال
مرة وجدت الصديق يقف فوق شجرة عالية في اول شارعنا , نادي علي , هاني , هاني , تلفت لأجده , فهبطت فوق الشجرة لأسأله عن احواله و ما جد عليه و عما حدث في ايطاليا , اخبرني بأنه لم يذهب الي ايطاليا , فهو لا يعرف الايطالية , و كان سبب رغبته في الذهاب الي هناك انه يريد الحياة بدون أن يتكلم مع احد , لذا صعد فوق الشجرة , وجدها اقرب كثيرا من الذهاب الي اوروبا , و لم ينزل من وقتها , اخبرني بأنه رأي الله يرحمها تمر من شارعنا كثيرا و صارحني باسمها للمرة الاولي , قلت له أنها تسكن امامنا و انها متزوجة و لها طفلان الأن , لم يعلق
نظر الي الجهة الاخري و سألني , انت اتعلمت تطير امتي ؟؟
اجبته أن هذا حدث تلقائيا منذ أن تركتني المرحومة , اندهش كثيرا لأنه ظن أنني كنت احب الله يرحمها التي تسكن امامي , نفيت هذا الاستنتاج و قلت له انها كانت من الاسكندرية , تبسم وجهه و نطق مرة اخري , هذه المرة دون أن ينظر الي , الله يرحمهم كلهم , افتكرتها ماتت مرتين , ثم اضاف اسكندرية نصف الطريق الاصعب لايطاليا , انت بتطير لأنك تريد الحياة فوق شجرة , لم اعلق , لأنني كنت بدأت اشك في قواه العقلية مراجعا كل افعاله و تراكيبه اللغوية المضحكة , لم اعرف كيف قرأ افكاري التي مرت في عقلي تلك ! و اجابني , انا مش مجنون انت فقط من لا تعرف مميزات الحياة فوق الاشجار !! مسكين انت يا صديقي
ايقظني صوت التليفون المحمول , كان قد ادمح تلقائيا في مكونات الحلم , لذا كنت قد وضعت يدي في
جيب الشورت لكي اخرجه و ارد قبل أن اتيقظ , و بتكرار النغمة , تيقظت نسبيا , كان التليفون فوق مكتبي , و مع نقص الادراك الكامل في تلك الحالة بين الصحو و النوم , ظللت ابحث عنه في جيبي , فلم أجده , سألني الصديق من فوق الشجرة عماذا ابحث , لم اجيبه , دقيت بقدمي مرة اخري في الارض دفعا الي الاعلي و استكملت الطيران متخذا الطريق الصحراوي كان جميع المسافرين علي الطريق ممتطين فيسبا و يخفون لوحاتهم المعدنية بيدهم , برغم عدم وجود شرطي ! وفي يدهم الاخري تليفون محمول , بحثت عن تليفوني لكي ارسل للمرحومه التعازي في روحها و لكنني لم اجده في الجيب الأخر , كنت متجها الي واحة سيوة لأبحث عن شجرة جيدة تصلح للاقامة

8 comments:

Blogger ... said...

هاني
انت وصلت
:))
النص دة له معزة خاصة عندي لأني تخصص طيران في الأحلام
See u in siwa :)

1:46 م  
Blogger انتيكا بيكيا said...

خدني وراك في ايتها حتةلأني مثل صديفك المجنون هذا :)

12:43 ص  
Anonymous غير معرف said...

مدونتك جميلة أمر عليها من حين لآخر وذلك نظرا لكثرة ترحالي. لكني لم أندم مرة واحدة لقضاء وقتي في متابعتها....لي سؤال..هل فكرت يوما في عرض هذه الخواطر الجميلة بصورة أكثر إنتشارا؟
م.هشام محرم

11:22 ص  
Blogger karakib said...

bothayna
الطيران في الاحلام له معني علي فكرة مرة واحد قالهولي , بس مش فاكره
-----
انتيكا بيكيا
:))
-------
م. هشام محرم
قصدك اطبعها ورقيا ؟؟ و لا في جريدة يومية او اسبوعية مثلا ؟؟ مش فاهم ما هي الصورة الاكثر انتشارا اللي تقصدها حضرتك ؟؟
علي أي حال انا سعيد جدا بتعليقك ده , شكرا جزيلا للكلام ده يا بشمهندس :))

2:59 م  
Anonymous غير معرف said...

أقصد طبعها ورقيا أو في عمود يومي بجريدة ورقيه وذلك لعدة أسباب:
الأول أنها أكثر انتشارا بين المثقفين الأكبر سنا(زي حالاتي!)
الثاني إمكانية الاحتفاظ بها والرجوع إليها
وأخيرا الإنتفاع المادي إذا حدث فهو يضمن استمرارك وفي هذا فائده لنا جميعا
وعلي فكرة أنا تأثرا بأحلامك حلمت الليلة دي إني طاير!!!!
م.هشام محرم

6:32 ص  
Blogger هوبتي said...

البوست دا جميل جداومع ان الحلم جميل لكني بجد مهرجة منه وبدات اعتزل عالم الاحلام

6:38 م  
Blogger karakib said...

م. هشام محرم :)) طيب و ماله ايدي علي كتفك
---
ايه رأيك في حلم الطيران ؟؟ جميل مش كده ؟

10:47 م  
Blogger karakib said...

هوبتي
انا مش فاهم يعني مهرجه من ؟؟

10:48 م  

إرسال تعليق

<< Home