الاثنين، فبراير 22، 2010

رسايل البحر

تصفو الايام ... و تبتسم السويعات ... تمر خفيفة هادئة ... ابتسم في وجوه كل من يقابلونني ... اهدتني السماء العديد من الهدايا و الاصدقاء ممن يحبون نشر المساحات الخضراء في روح كل من يقابلونهم

**

منذ وقت طويل لم اشاهد فيلما بكل هذه الروعة ... رسايل البحر ... كل مشاهد الفيلم لوحات مبدعة ... تجعلك تتوقف كثيرا امامها .. تغوص في الوان البحر و السماء و الحرية و البراءة ... حتي اسماء ابطال الفيلم ... قابيل حارس الملهي الليلي الذي متعه الله بقوة جسدية كبيرة ... و لكنه قرر عدم استخدامها ... لأنه في يوما ما قتل اخ له في الانسانية باستخدامها ... و يفضل ان لا يجري عملية لإزالة ورم خبيث من المخ لأنه ربما يفقد ذاكرته ... يفضل الموت علي أن ينسي تاريخه الانساني ... يقولها لصديقه ... ما هو انا لو عملت العملية مش هابقي انا هيبقي واحد شبهي بنفس وشي وجسمي ده بس مش انا !! و ممكن اقتل حد تاني ... قابيل ... ذاكرة الانسانية التي تفضل الموت ... علي أن تمارس نفس الجرم مرة تلو الاخري ... حتي و لو كان لإنقاذ الحياة
اما يحيي بطل الفيلم ... فهو شخص بريء يحب الجمال و يميزه بسهوله وسط مجتمع يشتهي القبح ... يخبر الناس انه صياد سمك ... ليست مهنته الاصلية و انما هو طبيب ... مهنة صياد السمك التي يوصمها الناس و يحتقرونها يختارها لنفسه لأنه يحبها ... و يترك الطب !! يتوقف امام البحر ... المطلق و يتحدث معه في جوعه ... يسأله جيت لك و انا مش محتاج و اديتني رزقي ... و جيت لك و انا محتاج و بتبخل عليا ... ده ظلم ده و لا فوضي !؟ يمثل تلك الحيرة الانسانية امام المطلق ... تخونه قدماه و صحته لجوعه فيتعثر و يقع مغشيا عليه ... و عندما يستيقظ يجد امامه رسالة في زجاجة مكتوبة بلغة غريبة ... رسالة اجابه بها البحر ... اراد ان يقول له شيئا ما ... و ظل يحيي يبحث عن معني الرسالة حتي اخر الفيلم ... لم يستطع ترجمة اللغة الغريبة ... و في اثناء الرحلة ... يتعلم الكثير و الكثير و يصبح اكثر انسانية ... يعلم الاخرين ما تعلمه دون استعلاء ... و يظل يدور في دوائر حيرته الانسانية و يتفهم احيانا و يفهم في احيان اخري
استطاع تمييز نورا ... حبيبته علي انها من ممارسات الجنس التجاري ... مع انها لم تكن كذلك ... بل كانت متزوجة... و في اعماقها تشعر انها هكذا و لكن لرجل واحد .. و تلخص احساسها في جملة قصيرة في نهاية الفيلم ... تقول ... قبل ما اقابل يحيي كنت حاسة باكتئاب شديد ... مش عارفه سببه ... بعد ما قابلته فهمت لأنه عاملني علي اني مومس ... و انا كنت فعلا كده بس لراجل واحد ... جوزي
**

يتحدث الفيلم عن تغير اجتماعي و سياسي في مصر ... بدون حفلطات و تعريفات المثقفين المعقدة ... بلا هذا الحيص بيص ( الحيص هو اختلاف الفقهاء بينهم و بين بعضهم .. و البيص هو اختلافهم مع العامة ) بدون ان يمجد فترة علي حساب الاخري ... يسرد الواقع ببساطة ... بدون ان يملي علي المشاهد اراء بعينها ... يعرض له الواقع الحالي و اسبابه التاريخية برشاقة و يترك له الحكم النهائي ... يسأل و لا يجيب ... منذ فترة طويلة لم استمتع بفيلم مثل رسايل البحر
**

كانت مصر ... منذ ستون عاما فقط بلد مهجر ... مثل استراليا او امريكا او حتي ايطاليا ... كانت شعوب بلاد مثل ايطاليا و اليونان و قبرص و سوريا و لبنان و يوغسلافيا و اخرون يأتون الي بلادي ليجدوا فرصة حياة افضل ... يعملون و يقيمون بأمان تام ... يحبون البلد و يسعون للحصول علي جنسيتها ايضا
كان يمكنهم الحصول علي الجنسية المصرية في ذلك الزمن بعد خمس سنوات من اقامتهم بمصر ... الا يشبه ذلك البطاقة الخضراء ( الجرين كارد ) الامريكية !؟ اليوم يحاول الشباب المصري الهجرة لأيطاليا بأي شكل حتي و لو عرض حياتهم الي الخطر ... ما الذي حدث !؟ ستون عاما رقم ليس بالكبير ابدا !!

**

في مربعي السكني ... يوجد العديد من المجانين ... اصبح وجودهم اليف للغاية ... يمرون علي المقاهي و من امام المحلات ... يبادلوننا السلام ... ينامون في اماكن معروفة ... رضا المجنون في الحديقة ... اشرف العبيط فوق احدي فتحات تهوية المترو ... اما السيدة العجوز التي تكره لعبة الدومينو فلا احد يعرف اين تنام ... كل ما نعرفه عنها هو انها تبثق في وجه لاعبي الدومينو و تلقي بقشاط او اثنين من فوق الطاولة ... اصبح مرورها نذير خوف للكثير من مدمني هذه اللعبة ... يرونها فيهرولون بعيدا في مشهد مضحك للغاية ... كبار و صغار السن في مشهد سريالي ضاحك يفرون منها ... لكبر سنها و مرضها العقلي لا احد يجروء علي التعرض لها ... اليوم ظهر مجنون جديد علي منطقتنا ... اعلن عن ظهوره بنومه علي الارض في منتصف اشارة الخلفاوي ... مدة طويلة للغاية ... وقف كل العقلاء يتأملون السيارات و هي تتفادي المرور من فوقه ... انشقت الارض فجأة عن رضا المجنون اتيا من بعيد في نوبة غضب شديدة ركله في جسده في البداية فلم يتحرك من منتصف الطريق ... انضم له اشرف العبيط ... حاولوا اقناعه بخظورة ما يفعل ... كل هذا و العقلاء يشاهدون ما يحدث ... بعد حديث طويل ... قرر الوافد الجديد ان يترك مكانه ... اشار له رضا الي الجنينة كمكان جيد للنوم ... فاقتنع ... مين اللي عاقل فينا مين مجنون !!؟

6 comments:

Blogger Unknown said...

حبيت اخر جزء

10:11 م  
Blogger Migo Mishmish said...

اول مرة اجي ومش هاتكون الاخيرة
انت خليتني عايزة اخش الفيلم دلوقتي
وصف رائع ومدونة رائعة
Love,
MishMish

2:31 م  
Blogger بحلم said...

انه داود عبد السيد

1:21 ص  
Anonymous ناردين :) said...

حلوة يا هاني...حدوتة مصرية :)

2:43 م  
Blogger يا مراكبي said...

:-)

ما قدرتش برضه أستشف من البوست هو الفيلم بيتكلم عن ايه بالظبط .. لكن اللي أثر فيها هو إن مصر كانت بلاد الأحلام في يوم ما .. وستين سنة بس دمروها!!

عموما الجزء التاني من البوست عن المجانين هو أحلى جزء في البوست .. وهو امتداد للفقرة اللي انا أشرت ليها فوق دي

دمروا البلد وجننوا الناس كمان

11:31 م  
Blogger Unknown said...

اكتشفت مدونتك من يومين بس و من سعتها كل ما تيجى لى فرصه للراحه من المذاكرة، اجى اقرا تدوينا.
البوست دى عجبتنى اوى بس عايز اقولك حاجه انت نسيت اسلام العبيط اللى دايما قاعد عند حبيب الكل ماركت D: اصل انا برده من الخلفاوى.

12:11 م  

إرسال تعليق

<< Home