الاثنين، يناير 18، 2010

كسوف الشمس

استيقظت الخامسة فجرا يومها , تبقي لي ثلاث ساعات ليحين ميعاد نزولي , فر النوم مني , كان امامي كتابان الاول لمحمد فريد بك عن تاريخ الامبراطورية العثمانية و الأخر رواية الزيني بركات لجمال الغيطاني , فتحت كتاب محمد فريد لأجده يتحدث عن عادة السلطان العثماني في قتل كل اخوته كأول فرمان يتخذه عندما يصل الي سدة الحكم , و توزيع الهبات و المنح لجنود الانكشارية حتي يكفوا ايديهم عن نهب و قتل العامة , اغلقت الكتاب .
لم يكن طبيعي أن ابدأ يومي بكل هذه الوقائع الدموية , فتحت الرواية , ادهشني تشابه المماليك في مصر بالانكشارية من حيث النشأة و السلوك و كل شيء , كل شيء تقريبا , اغلقت الرواية لاعنا المماليك و الانكشارية و كل من شابههم
كنت اعرف أن اليوم ستحدث تلك الظاهرة الغريبة , كسوف الشمس , كشفت عن السماء بفتحي لستائر شرفتي و جلست انتظر مراقبة الشمس و هي تشرق بكسوف , تداري جزء من وجهها عنا
كان شريف عبد العزيز و ماريان ناجي متجهان بالقطار الي الصعيد في رحلة طويلة من ثمان ساعات لكي يقدموا واجب العزاء لأهالي من قتلوا في الحادث الارهابي , هاتفتهم لكي اتبين هل وصلوا ام لازالوا في الطريق
كانوا علي الطرف الأخر صوتهم ناعس من طول الطريق , اخبراني بأنه لم يتبق سوي دقائق لكي يصلوا لجهتهم , مرت اقل من دقيقة و كنت لازلت معهم علي الهاتف , اغلقنا الخط الواصل بيننا بوصولهم لكي يبدأ كل منهم سعيه في عزاء الاهالي .
لا اعرف لماذا اتصلت بهم مرة اخري بعدها بثواني , كان القلق باديا في كلماتهم عندما اخبرتني ماريان بأن سيارات الأمن المركزي احاطت بهم فور خروجهم من المحطة , لم تمر دقيقة اخري و كان اخر اتصال بيننا عندما قالت لي , احنا في عربية الترحيلات اتقبض علينا !!
لم اعرف ماذا افعل سوي أن اجري بعض الاتصالات , كنت اعرف بعض اسماء من رافقوهم , نشرتها علي الانترنت , ثم بدأت الاحداث تتوالي , اتصلت بي خطيبة شريف عبد العزيز لتسألني لماذا اغلقوا هواتفهم فأخبرتها , و ندمت علي انني فعلت , شعرت بأن القلق ينهشها , اتصلت بي والدة ماريان بعدها بقليل فقلت لها ان بطارية هاتفها نفذت و انها اتصلت بي و أن كل شيء علي ما يرام , اتصلت بي نوارة نجم بعد أن هاتفتها في البداية و اخبرتني أن بعض المراكز الحقوقية ارسلت محامين , و لم يكف الهاتف عن ارسال و استقبال المكالمات يومها . لا استطيع ذكر اسماء كل من ساعدوهم , كل ما اعرفه أن الكثيرين برهنوا علي انهم اصدقاء , اصدقاء بكل ما تحمله الكلمة من معني , و اخرون لم اكن اعرفهم , علموني درسا لن انساه ما حييت , درسا في الانسانية و التضامن مع كل من يظلم , كانوا يعرفون تلك الحقيقة البسيطة و يمارسونها , أن الظلم في أي مكان يهدد العداله في كل العالم .
لا اريد و لا احب الخوض في احداث هذا اليوم و اليوم الذي تلاه , من وقائع رتيبة كان القلق و الخوف عليهم و علي كل من احتجزوا معهم يأكلني بلا رحمة , كل ما اتذكره انني لم اري كسوف الشمس يومها , بل اشرقت عدة مرات بكل وضوح رغم تأكيدات الصحف و الفضائيات بأنها كسفت .

6 comments:

Blogger AHMED SAMIR said...

جميل البوست دة
الحمد لله انهم خرجوا بالسلامة
كل يوم تثبت القوة الامنية مدى حماقتها
تحياتي

2:09 م  
Anonymous emanezz said...

جميلة ياهانى أول مرة أزور مدونتك أسلوبك جميل وبسيط وان شاء الله هكون من زوارها

8:46 ص  
Anonymous غير معرف said...

أريد أن أعتذر لكل مسيحيي مصر...أريد أن أوقف جاري المسيحي وأطلب منه العفو...أريد أن أصرخ بأعلي صوتي بأني بريء مما حدث وبأني لم أشترك فيه يوما لا برأي ولا بكلمة ولا حتي بإشارة... ولكن هل يفيد هذا؟
دعنا من الشعارات والأماني.علينا الآن أن نبحث عن مخرج من الأزمة علينا أن نبحث كمجتمع كيف وصلنا إلي هذا...
كان لي في صغري (أنا الآن في الخمسين)ولازال كثير من الأصدقاء المسيحيين ولم تكن مسألة الدين تشكل أي عائق في صداقتنا. بالأمس سألت ولدي الطلب الجامعي هل لك أصدقاء أقباط فأجاب بالنفي ولكنه لم يعرف السبب فلا هو متعصب ولا هو كاره..ثم بعد فتره من المناقشة أضاف بأن المسيحيين الآن ليسوا كالماضي..إنهم الآن منغلقون علي أنفسهم ولهم شللهم الخاصة بهم فقط.
حدث هذا لأسباب كثيرة وهذه الأسباب أراها لا زالت موجودة وعلينا إلتزام تجاه مجتمعنا أن نزيل هذه الأسباب ونعيد وجه التآخي الجميل إلي واجهة الصورة
م.هشام محرم

7:49 ص  
Blogger just waiting said...

انه غباء من القوة الامنية فعلا انهم لا يفرقون بين المجرم الذي يستحق الاعتقال والمواطن العادي

9:46 م  
Blogger يا مراكبي said...

الشمس هتتكسف كتير في مصر يا هاني في السنتين اللي جايين دول

كلنا مكسوفين من اللي بيحصل من النظام الحاكم ده .. فما بالك بالشمس نفسها؟

11:44 م  
Blogger روز said...

الله.. حلو أوي كلامك ده يا هاني :)
والحمد لله إنهم طلعوا بالسلامة..

12:23 ص  

إرسال تعليق

<< Home