الثلاثاء، مارس 10، 2009

فندق عامر

وحيدا احيا هنا في غرفتي ذات السريرين ... لم أعد أتذكر متي اتيت الي هذا المكان ... يتصل بي المدير كل يوم ليطمئن علي صحتي و يسألني عن رأيي في التغييرات التي استحدثها في الحديقة المواجهه لمدخل الفندق أو أي شيء جديد يقوم به
يحبني كثيرا فقد كنت صديق لوالدته الراحلة ... لا يعرف اكثر من اننا كنا اصدقاء ... تضحكني فكرة أن يعرف انني لم اكن مجرد صديق قريب فقط ... و أتخيل انفعاله الغريب المعتاد و هو يرفع حاجبيه الرفيعين كلما اطلعته علي حقيقة جديدة لم يكن يعرفها ... و لكنه لن يرفع حاجبيه اذا علم هذه الحقيقة ... سيرفع اشياء اخري بالتأكيد
احتسي كؤوس الخمر ليلا ... و القهوة صباحا ... و يثقب جدار معدتي بالقرحة كلاهما ... القرحة .. ذلك المرض اللطيف الذي يسليني ليلا بأن أقوم عدة مرات لكي اتناول الدواء ... و هل للوحدة من دواء

***

كل يوم اتصل به صباحا لكي اتأكد من انه لا زال علي قيد الحياة ... و في كل مرة يجيب هذا الذئب العجوز بنشاط علي الهاتف ... لا اعلم متي ينام !؟
أدعوه لأحتساء القهوة الصباحية معي ... أتمني في كل يوم أن اقتله ... و لكنه عجوز و سيموت وحده عما قريب
هكذا كانت تقول الملعونة عشيقته ... لو صبر القاتل علي المقتول كان مات لوحده ... و لكن عن أي صبر كانت تتحدث
ما هو هذا الصبر الذي كانت تريد القاتل أن يتمتع به ... عن أي صبر ملعون كانت تتحدث !؟
لازال ذئبا حتي بعد أن تخطي حاجز الثمانين عاما ... يخبرني ايمن كثيرا بأنه لم يكن ينام وحيدا في غرفته في اليوم السابق و أنه التقط احدي العاهرات من صالة الاستقبال بالفندق ... اللعنة علي صالة الاستقبال و علي هذا العجوز الثمانيني و علي الفندق كله

***

ايمن القناوي ... اسمي غيرالفني ... هكذا قال لي مدير صالة العرض بالاوبرا عندما زارني و رأي المعروضات في الصالة ... لا يعرف أحد أنني لا احب عملي في الفندق و لا احب عامر مدير الفندق و زميل دراستي و لا هذا العجوز الثمانيني صديق العائله القديم كما يسميه و الذي يقبع في غرفته وحيدا و الذي كلفني بمراقبته ... عامر حول عملي من مدير الاستقبال في الفندق الي مخبر ... مخبر ... نعم مخبر ... في المرة الاخيرة قبل ان اصل الي معرضي السنوي استوقفني مخبر و سألني عن عملي ... فقلت له عملي الذي احبه ... فنان تشكيلي ... فلم يفهم و أخذني الي امين الشرطة ... و عندما سألني دون أن ينظر الي وجهي ماذا تعمل ... قلت له فنان تشكيلي ... فلم يفهم هو الأخر مثل المخبر و أصر علي أن يفتش المظروف الكبير الذي كان معي ... و فتحه بدأ يتسلي بأن يشاهد ما بداخله و بدأ بصورتي مع العجوز الكريه زايد ... و سألني من هذا الرجل ... فقلت له احد الاصدقاء ... فلم ينظر الي و سألني ماذا تعمل مرة اخري
فقلت له فنان تشكيلي ... ففتح فمه مندهشا و سألني ... يعني ايه !؟
فقلت له يعني فنان تشكيلي
و ظل يشاهد الصور بعد أن أمر المخبر بأن يقف بجانبي لكي لا اهرب ... و اثناء نظره الي الصور وجد صورة لي مع وزير الثقافة ... كنت قد تصورت معه في العام الماضي اثناء معرض ... ليس معرضي انا بالطبع
و لحسن حظي كان يعرف ان هذا الرجل الذي يقف بجانبي هو وزير ... فسألني هل هذا الذي يقف في الصورة و يضع يده علي كتفي هو وزير !؟
فأومأت برأسي له بالايجاب ... فوقف و صرخ في المخبر ... شوف الباشا يشرب ايه !؟ و مسح كرسيه لكي أجلس عليه ... و بعد أن شربت معه كوب شاي و فشلت في افهامه ما معني وظيفتي ... و اضطررت لأن اقول له أنني رسام ... تركني لأذهب الي المعرض الذي لا يزوره أحد سوي زايد و عامر و بعض افراد عائلتي القليلين

***

بالأمس عندما كنت احدث عامر عن والدته ... لاحظت أنه تملكه غضب ... اصبح يغضب و يدخن كثيرا اذا ذكرت فقط اسمها .. هل يعرف ذلك الأبله شيئا عن ما كان بيننا !؟ بعد أن شرب نصف زجاجة الشيفاز بدأ يوجه لي السباب للمرة الاولي و بشكل عنيف .. و في اثناء خروجه من البار بدأ يسبني أنا و أمه سويا ... و إن كان يعرف فلماذا كان يعاملني بكل هذا اللطف طوال الفترة الماضية ... لم يكن يحدثني عن أنني اخذ بعض الفتيات من الاستقبال الي غرفتي ... بالرغم من أن ذلك مخالف لقوانين الفندق ... رأيتهم يطردون عدة نزلاء من غرفهم ليلا لنفس السبب ... اعرف أن ايمن يراقبني في كل لحظة لكي يخبر عامر بما افعل
هل كان ذلك الصبي الغبي يعرف بما بيننا !؟ سمعته بالأمس يقول أنه سيقتلني و يقتلها !؟ ذلك الأبله لا يعرف انها ماتت منذ سنوات بعيدة .. لقد لعبت الخمر برأسه علي ما يبدو و باح بما كان يخبئه
في كل الأحوال لازال لدي مسدسي القديم ... و استطيع استخدامه في أي وقت

***

لم أعد اطيق رؤية هذا العجوز في الفندق ... لم اعد اطيق رؤيته في الفندق !؟
بل لم أعد اطيق رؤيته حيا ذلك الملعون بسترته الرياضية البيضاء و صلعته الحمراء و التي تزداد احمرار مع كل رشفة من الخمر
اعلم أنه لازال يحتفظ بمسدسه القديم ... سأتسلل الي غرفته ليلا و أقتله به ... أعلم أين يخبئه ... فقد دخلت غرفته كثيرا و رأيته ينظفه ... سيبدو الأمر و كأنه حادث انتحار لرجل ثمانيني العمر وحيد ... اصابه الاكتئاب ... و سينتهي كل شيء سريعا فبالتأكيد سيتدخل مالكي الفندق لكي ينهوا كل شيء قبل أن ينتشر الخبر

***
اللعنة علي كل منهما ...زايد و عامر ... لقد حولني عامر من مدير للاستقبال لمخبر اراقب هذا الرجل اللعين الذي يغازل فتيات يتقارب عمرهم مع عمر احفاده في الاستقبال و لا استطيع أن امنعه ... هذه هي التعليمات من مدير الفندق ... لي أنا ... ايمن القناوي مدير الاستقبال اسميا و مخبره الخاص فعليا و صديق دراسته كما يحب أن يعرفني الي الناس ... سأقتلهم سويا ... بالأمس ارتفع صوت عامر في البار و هو يتكلم مع الذئب العجوز ... و سبه و تركه و ذهب وسط ذهول جميع العاملين .. هكذا علمت ... سيبدو الأمر كمعركة بين اصدقاء لعب الخمر برؤوسهم ... و سيشهد الجميع بأنهم تعاركوا بالأمس ... اخبرني عامر بأن زايد يحتفظ بمسدس قديم في غرفته ... سأسرقه و اقتل به الأثنين و سيبدو الأمر و كأن زايد قتل عامر ثم أنتحر ... و بالتأكيد سيتدخل مالكي الفندق لكي يمنعوا الخبر من الانتشار ... خبر مقتل مدير الفندق و احد النزلاء في غرفة من غرف الفندق
سيكون ابدع فن تشكيلي اقوم به ... فن تشكيلي لن يفهم معناه الا انا ... كما يحدث طوال الوقت مع جميع اعمالي

6 comments:

Blogger السنونو said...

دائرة محكمة الغلق... هايل

8:58 م  
Blogger يا مراكبي said...

برافو

قصة متميزة .. أبطالها 3 أشخاص مختلفين وبينهم رابط ما

وحسنا فعلت بإستخدام ألوان مختلفة لكل شخصية منهم

أما توصيف الشخصيات وتسلسل السرد فقد كان رائعا بحق

أحسنت

11:18 م  
Blogger Lou said...

WOW! the way u write is so AMAZING.

=)

5:45 ص  
Blogger Lou said...

the way u write is..AMAZNG!

5:50 ص  
Blogger أسما said...

That was real fun to me. Your way of writing, and the conspiracy...
keep it up

:)

2:15 ص  
Anonymous العاب said...

بالتوفيق

12:37 ص  

إرسال تعليق

<< Home