الأربعاء، يوليو 01، 2009

شهوة الحكي

اطلق حلاق يسكن بجانبي علي نفسه لقب الدكتور بعد أن افتتح معهدا لتعليم الحلاقة ... لا يجيب علي احد الا اذا سبق النداء علي اسمه هذا اللقب ... هو في الحقيقة لم يكمل تعليمه الثانوي التجاري ... يعلق في محله شهادات كثيرة عن حصوله علي المركز الأول في مسابقات تصفيف الشعر
سمعته يقول لأحد زبائنه عن أنه يدرب الحلاقين المبتدئين علي حلاقة رؤوس الفواعليه ( عمال الفاعل ) الذين يجلسون بجانب السنترال منتظرين أن يستأجرهم مقاول الأنفار
يأتون اليه طواعية لأنه يحلق شعورهم مجانا


***
كان يضحك بشدة و هو يروي أن أحد المتدربين المبتدئين لديه قطع جزء من اذن احد الفواعليه بالمقص ... و أنه اعطاه عشرة جنيهات فهدأ غضبه و لازال يأتي اليه في المعهد ليحلق مجانا
في كل مرة امر بجانب السنترال ابحث عن الفواعلي مشوه الأذن و لا اجده
في المرة الأخيرة اشار إلي احد الفواعليه و هو يقول هو ده ... هو ده ... فأتوا إلي مهرولين متحفزين ... التفوا من حولي و تمعنوا قليلا في وجهي ... و تمعنت في وجوههم ... و اذانهم

ثم اكتشفوا ... انه مش هو ده ... فذهبوا مطرقين برؤوسهم ليجلسوا القرفصاء امام السنترال مرة اخري منتظرين من يأتي ليأخذهم لأي عمل

***
قال لي صديق
أصل انت مش عارف أنا اصلي مابحبش نفسي .. و لما لقيت واحدة تحبني استغربت !
قلت احبها اوي و هي تحبني و يبقي في حد بيحبني حتي لو كنت ما بحبنيش
مالك بتبص لي كده ؟؟ شكلك مش مصدق !
طيب ايه رأيك في مرة من المرات قالت لي انت طعم الكلام معاك شبه الكيك السخن ... قمت ما كدبتش خبر و جبت كيك سخن و اكلته علشان اعرف طعم الكلام معايا ايه !؟
تصدق لقيت طعمه في بقي مر !
اصل انا مبحبش نفسي .. و لا احب اتكلم معايا كمان .... بس حبيت الكيك السخن علشان هي بتحبه ... بس لما سابتني فضلت احب الكيك السخن ... و اكره نفسي !

***
صديق أخر قال لي انت شبه الكابينيه !
كل واحد عنده خرا في حياته بييجي يدلقه عندك ... انا عارف انك تعرف عننا كلنا مصايب ... بس امرك غريب يا أخي ... عندك سيفون ... تسمع و تسكت و لا يبان عليك حاجة !
اوعي تكون فاكر اني باشتمك لما باقول لك انك شبه الكابينيه ... بالعكس ... انت غريب عندك قدرة علي إنك تسمع مصايب الناس دايما و تشد عليها السيفون ! يا ريت كان عندي السيفون بتاعك ده

***
في المساء عندما اتصل بي صديق دراسة قديم ... اتفقنا علي أن نتقابل علي المقهي بعد ساعة ... أتي و في عينيه ذهول و لمعة شديدة ... بدأ حديثة بأنه مل من البحث عن عمل ثم بدأ يقول اشياء غريبة مثل أنه معجب باليابان لأنهم يزرعون البطيخة المكعبة ... و أنه يشاهد افلام سيكس للافيال الاسيوية المهددة بالانقراض ... كانت تكسو ملامحه جدية شديدة عندما قال لي
تعرف ... انا مليت برطمان بالسكر ... و حطيته وسط طبق ميه في المطبخ عندنا ... و قعدت اراقبه ... لقيت نملة بتلف حواليه ... ما عرفتش تخش علشان الميه ... قامت طلعت علي الحيطة ... و مشيت لحد ما وصلت للسقف فوق الطبق ... و رمت نفسها في السكر و فضلت قاعدة جواه تاكل
نظرت اليه فلم أجده يضحك ... كان يتحدث بجدية شديدة ... لم استطع تمالك نفسي من الضحك ... ضحكت بصوت عالي
لم استطع تفسير انفعالات وجهه عندما نظر الي بأسف شديد و سألني باستنكار
انت بتضحك ليه !؟
لم ارد عليه و ازداد ضحكي ... تحول لقهقهات عالية جدا
اطرق برأسه حتي انتهيت من الضحك ... ثم وقف في وضع خطابي ... انتم بهايم ... عمركم ما هتتقدموا طول ما بتفكروا كده ... ده منهج البحث العلمي اللي انا طبقته علي النملة و طبق السكر ده !!
أنا ماشي جتكم القرف كلكم
ثم ذهب

***
شعرت بعدها بذنب شديد ... لأنني لم أتبين أن صديق الدراسة القديم فقد عقله ... سألت عنه بعد ذلك فعلمت ان له سنتان لم يخرج من منزله ... يجلس امام شاشة الكمبيوتر طوال اليوم ... و عندما فكر في الخروج ... اتصل بي ليجدني اسخر من كلامه و اضحك ... فدخل الي قوقعته مرة اخري

***
عندما سألني القهوجي عن صديقي الصيدلي ... و هل سيأتي اليوم الي المقهي !؟
تفهمت انه يريد أن يطلب منه قرص فياجرا أو ترامادول لكي يقضي ليلة سعيدة مع زوجته ... تابعت هذا القهوجي منذ أتي الي القاهرة من قريته الريفية ... كان شخصا مختلفا ... كانت اضواء المدينة تبهره ... و كلما رأي فتاة تمر من امام المقهي اخرج لسانه من فمه و هو ينظر اليها ... و لما اشتري تليفون محمول جديد ظل يسأل الجميع عن مقاطع السكس ... و يحتفظ بها ... و لكنه ظل بنفس الشخصية
و لكن عندما بدأ في تعاطي هذه الاقراص الملعونه ... الترامادول ... تغير تماما ... اصبح شخص أخر ... في كل مرة يسأل صديقي الصيدلي عن اقراص المخدر اللعين يقول له انه لا يبيعه في صيدليته ... و لكنه يكرر السؤال بشكل شبه يومي و يتلقي نفس الاجابة و لا يمل من تكرار السؤال ابدا
***

كنت أجلس مع اصدقاء في إحدي القري السياحية عندما أتت تلك الفتاة العشرينية الجميلة صديقة اصدقائي و جلست بيننا ... أشعلت سيجارتها و بدأت تتابع الحديث و هي صامته ... ثم تدخلت في الحديث و قالت ... انا ما ينفعش اتجوز واحد علشان معجب بجسمي ... لازم يكون معجب بشخصيتي كمان ... اصل انا ممكن جسمي يتغير ... بس شخصيتي مش ممكن تتغير ابدا
عندها انفصلت تماما عن الحديث و رأيت في وجه النادل ذو الملامح الريفيه وجه القهوجي محب اقراص الترامادول و الفياجرا ... و تسائلت ... من قال أن الشخصية لا تتغير !؟
بل هي تتغير دائما ... لا شيء ثابت ... فكما الجسد تتغير ملامحة ... تتغير ملامح الشخصيات ايضا
***
اذا كنت قد وصلت الي هذا المقطع من التدوينة فأنت بالتأكيد تتسائل ... ما علاقة ما كتبته ببعضه ... الحقيقة أنه لا توجد أي علاقة ... إنها فقط شهوة الحكي علي الورق التي انتابتني ... و حظك العاثر الذي اوقعك في قراءة هذه المدونة ... فلا تبحث عن روابط بين المكتوب

16 comments:

Blogger Shaimaa said...

على العكس تماما
كل القصص مرتبطه ببعضها وبشدة
وكل منها له مغزى، مع اني تمنيت ان تحكي اكثر عن صاحبة السيجارة
تحياتي

12:04 ص  
Blogger Unknown said...

بيكيا

احنا اللى بنخلق الروابط بين الاشياء
بنا على رغبة

الرغبة اللى عندك هى الرغبة اللى خلتنى استنى للنهاية

انى اخلق العلاقة


انا عارف حلاق بقى بيشغل شرايط فيديو للجمهور
عبارة عن مسابقات حلاقة عالمية
راجل الافق عنده واسع

حكياتك كيك

سلام

12:55 ص  
Blogger 77Math. said...

هناك علاقة وثيقة بين كل قطعة سرد وأخرى.. هي نحن.

البَشَر، بكل عاهاتهم وعقدهم ومميزاتهم، وبكل الجمال والقبح الساكن فيهم.

الطّين والروح. الأرض والسماء.


تحياتي

2:34 ص  
Blogger م said...

بالحق يا هانى الترامادول مش مخدر
السؤال بقى الى جه ف بالى ف الاخر هو اصحابك كلهم كده؟
:)

4:21 ص  
Anonymous غير معرف said...

:)

لأول مرة اعلق ..
!!

11:20 م  
Blogger Unknown said...

هاني انت فتي هاديء وانا احبك استمر

4:45 م  
Blogger dandana said...

أنا ماجيتش هنا من زمان

ولما جيت..ماندمتش

شكرا

وعلى فكرة
فيه رابط مسلم بيه بين كل الحكاوى

الناس

7:49 ص  
Blogger miromohsen said...

عارف ايه الرابط بين الحكايات...: انت.

6:21 م  
Blogger سارة نجاتى said...

بوست مميز جدا
بتغيب بس بيبقى بتميز بجد

لكن اجمل ما فى الامر هو احتواء كل فقرة على فكرة معينة وراءها , يعنى مش شهوة الحكى لمجرد الحكى

موضوع الكابينيه ده قلبنى ضحك

بس هى شخصية بتتغير بس - تحت الظروف العادية - لن يكون تغيرها جذرى كتغير اجسامنا مثلا

تحياتى

11:55 م  
Blogger Unknown said...

بجد تحفه و ممتعه جدا و لم اشعر بعدم التواصل بين القصص التي ذكرتها في وصف رائع لحاة العبث التي نحيا فيها
مع تقديري و تحياتي

10:25 م  
Blogger ساعه الغروب said...

على فكره كلامك حتى لو مش مربوط ومالوش علاقه ببعضه بردو ممتع

انت عندك شهوه الحكى على الورق وغيرك يتمتع بشهوه القراءه لما كتبته على الورق

شكرا ليك

مجرد قراءه سطر تبعث فى فكرى الاف الافكار

فميرسى ليك جداااااااااااااااا

يا رب تكون بخير

سلام

1:05 ص  
Blogger Blank-Socrate said...

اطلاقا
انا احب هانى عندما يتحدث عن الاخريين
----------
على فكرة انا احب جدا لو فى مرة قابلتك على القهوة فى شبرا انا من روض الفرج
لو ممكن ابعتلى موبايلك على الميل
شكرا فى كل الاحول
:)
blanksocrate@gmail.com

5:54 م  
Blogger Unknown said...

Indeed, it's like a cup of "Shubra" blinded in a blinder! a summer night on the cafe!





-------------------------------------
Only the dead have seen the end of the war.

5:25 ص  
Blogger t3ban said...

حسرتني علي نفسي الي عمرها ما اتحسرت عليا

4:54 ص  
Blogger Unknown said...

السلام عليكم
وبدأت حملة ( مين هيفطر أكتر )
هل ستشاركنا وتأخذ الأجر معنا
هيا اذن لنشمر السواعد ولنعلى الهمم
ولنخلص لله النوايا
الم تسمع قول النبى صلى الله علية وسلم ... عن زيد بن خالد الجهني قال : قال صلى الله عليه وسلم : " مَن فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء "
أدخل على هذا الرابط وشاركنا
http://3amood.blogspot.com

12:26 م  
Blogger Borsa said...

thanx for this blog and please let me take a copy to my site

البورصة المصرية

منتديات البورصة المصرية

بورصة أسهم السوق السعودى

تجارة عملات | فوركس | تجارة العملات | تداول عملات | Forex

4:33 ص  

إرسال تعليق

<< Home