كليو ... لقد اغلق المكان
ذهبت منذ عدة شهور الي هناك ... حيث كنا نجلس ... علي تلك المائدة المستديرة ... طلبت لنفسي قهوة مظبوطة ...و لكي واحدة ايضا ... لم يستنكر النادل هذه المرة هذا الطلب الغريب فقد كان تعود من المرات السابقة علي سلوكي الغريب
في المرة الاولي التي اتيت فيها الي هنا بدونك سألني النادل ... حضرتك عايز اتنين قهوة مظبوط لوحدك ؟؟
في المرة الاولي التي اتيت فيها الي هنا بدونك سألني النادل ... حضرتك عايز اتنين قهوة مظبوط لوحدك ؟؟
فأجبته نعم ... و عندما اتي بالقهوة الأخري ... سألته اين زجاجة المياه !؟
زجاجة مياه و كوب زجاجي واحد لنشرب منه سويا وضعته في منتصف الطاولة تماما كما تحبين
هل تتذكرين يوم أن سألتيني هل تعتقد أن علاقتنا ستظل بهذا النقاء طوال الوقت ... وقتها ادرت كوب المياه في منتصف الطاولة بيدي بعد ان وضعته تحت اشعة الشمس و قلت لكي ... العلاقة ما بين أي اتنين زي كوباية الميه اللي بينا دي ... بتبتدي نقية جدا و من خلالها بنقدر نشوف بعض بوضوح و سهوله ... و مع الوقت الميه بتتعكر و شوية شوية لو ما خدناش بالنا و غيرنا الميه من الكوباية ... مش هنقدر نشوف و نفهم بعض ... وقتها نظرت في عيناي بابتسامة و قلتي لي ... عينيك لونها عسلي .. فتوقف هذا الحديث المرتعش الخائف من المستقبل ... كانت المرة الاولي التي امسك فيها يدك ... سألتيني لماذا ترتعش اصابعك ... فكذبت عليكي ... قلت لكي ان الجو بارد بشدة ... و لكن الحقيقة هي ان الحديث الذي انهيناه اخافني من أن تذهبي مني
*****
منذ عدة شهور وضعت قهوتك المظبوطه امامك و قهوتي امامي .. وكأننا جالسين سويا ... تذكرت وقت أن شردت بذهني اثناء حديثك عن الفيلم السينمائي الذي كنا قد شاهدناه للتو ... كنت معجبة بالبطل ... وقتها قلتي لي مالك في ايه ؟؟؟ فانتبهت من غفلتي و شرودي من خلف الزجاج المطل علي الحديقة الخارجية للمكان ... و نظرت اليكي و قلت لكي انني لم احب البطل كثيرا ... ذكرت لكي أن احد ممثلين الادوار الثانوية اعجبني كثيرا اداءه ... حاولت ان اذكرك به ... و لكنك لم تتوقفي عن الضحك عندما اخبرتك انه صاحب المشهد الصامت امام البطل ... اتذكر يومها ايضا انك سخرتي من كلامي لأنني احب دائما تلك الشخصيات المهمشه ... هل تتذكرين نصيحتك لي ... انا لم انساها ابدا ... الدنيا يا سامح فيلم سينما كبير اوي ... زيه زي فيلم السينما ... لو بتحب في السينما ادوار البطولة يبقي هتاخد في الدنيا دور البطولة ... لو بتحب الشخصيات الهامشية ... يبقي هتفضل في الدنيا شخصية هامشيه .. لم افهم منطقك هذا ابدا ... و ظللت احب اصحاب الادوار الهامشية و المشاهد الصغيرة ... لم اكره يوما بطل الفيلم و لكنه لم يجذبني ابدا ... لم اكن يوما بطل في الدنيا او حتي شخصية هامشية فقد كنت و لا زلت عاشق ... و للعشاق تصنيف اخر ... غير هذا الذي يمجد الابطال و ينسي الأخرين ... يا عزيزتي العاشق يحب الجميع و يتفاعل معهم ... لا لكي يتسع دوره في الحياة او الدنيا او الفيلم الكبير كما تحبين تسمية الحياة ... و انما ببساطة لأنه مجرد عاشق
*****
اليوم يا عزيزتي ذهبت الي نفس المكان .. فقد دأبت علي الذهاب الي اماكننا المفضلة بعد أن تركتيني وحيدا ... امارس الطقوس التي تجمعنا .. في بعض الاماكن التي كنا نرتادها سويا كانوا ينظرون الي علي انني مختل يكتب الرسائل و يمزقها و ينظر الي شخص وهمي امامه علي الطاوله و يتمادي في بلاهته بأن يطلب مشروب ثاني يضعه في الطرف الأخر من الطاولة و لا يشربه ابدا ... كنت استنشق وجودك في تلك الاماكن
انتظر ان تأتي يا كليو و لا تأتين ... تتركين كل الاكواب ممتلئة و لا تشربين ... كعادتك ... اليوم اكتشفت انني لي الكثير لم أت الي هنا ... فقد كان المكان مظلما ... فتحت البوابه الحديدية فوجدتها متربة ... و استنشقت رائحة الصدأ الرطب في المكان ... نمت الحشائش كثيرا في الحديقة ... و اصبح زجاج الكافيتريا مغبشا بفعل الامطار و التراب ... لقد اغلقوا المكان دون أن اعرف ... كيف لهم أن يقتلوا البسمة التي تظهر في عيناي عندما أتي الي هنا ... الم يكفيهم أن اشياء اخري كثيرة تموت ببطء في اعماقي !؟ كيف لهم أن يقتلوا كل تلك الذكريات !؟
!!كليو لقد اغلقوا المكان