اثناء عودتي من كليتي التي تقع بميدان عبده باشا الي منزلي بشبرا استقل احد الاساطير الاغريقيه .. اتوبيس 14 الذي يمتد مشواره من عبود بشبرا و حتي الحي السابع بمدينه نصر ... اتوبيس 14 الذي يركبه البشر و لا يغادرونه ابدا..كارثه متنقله علي اربع عجلات ....طوال تاريخي معه لم يركبه احد امامي و خرج ...القيت بنفسي وسط جحافل و اكوام البشر الداخله في بعضها مصوره احد اقوي الملاحم الوطنيه التي اصبح جزء منها فور دخولي ... احاول ان اخلو بذهني و امارس تمرينات النفس و هي مهمه جدا لكل من يريد ان يبدأ في تعلم اليوجا و من يمارسونها يستطيعون ان يمشون علي الجمر و لا يتألمون بفضلها و لكن هيهات فوجه الكمساري يمنعني من التنفس فقد سحب كل الاكسجين من الاتوبيس بفضل انفه التي ظل يسلكها باصبع يده ليخرجه و يضعه بين اصابع اقدامه ثم في فمه ليعود لانفه ... و يهرش قليلا في شعيرات ذقنه الغير حليقه ... احاول ان اركز قليلا و اتناسي الوضع الاكروباتي الذي اقف فيه و امارس تمرين النفس الا ان الملصقات و الاعلانات عن الضعف الجنسي التي غطت سقف الاتوبيس تماما تشتت انتباهي مره اخري ... معقول كل دي اعلانات عن ال... و بيكسبوا بقي !!؟؟
يختلط صوت الكمساري بصوت بائع الامشاط و الفلايات ... فلايات ... اطلع قدام .... امشاط ... و ابعت تذكره
اتأمل الكمساري مره اخري مرغما هذه المره و هو يجمع بعض التذاكر القديمه و يفردها ليبيعها مره اخري لحسابه الخاص ... ينظر الي متبجحا عندما ينتبه انني الاحظ ما يفعل
تنهار مقاومتي و ابدأ اصرف النظر عن البدء في تعلم تمرينات النفس لكي اجد موطئا لقدمي علي الارض حتي لا اقع مع اول حفره او مطب قادمين ... تمرينات يوجا ايه !!و تمرينات نفس ايه !!؟
بلا هم يا راجل صحيح خيبة الامل راكبه جمل
26 /4/2007
اقلعت عن محاولاتي لممارسة رياضة اليوجا ... اقتنعت تماما بأني لست أحد هؤلاء المرفهين المترفين و ان هذه ليست رياضتي المناسبة ... خصوصا و ان كنت من راكبي اتوبيس 14 و اهتزازته ... انه اليوم الثالث الذي يطلب مني دكتور بهي الطلعة ... احد سكان الغرف المكيفة القليلة في الكلية ... و الذي قررت الجامعة بعد تفحيص و تمحيص انني يجب ان امتحن مادته عندما تقدمت بأوراقي لأنتقل بالدراسة بها من احدي الجامعات الاقليمية فاذ بهم يكتشفون انني في الكلية السابقة لم ادرس سوي مادتي العربي و الدين ... و انهم سيعلمونني الهندسة من اول و جديد ... و يصادف ان يأتي ميعاد امتحان الربع سنوي او الميد ترم لهذة المادة التخلفات ... في ميعاد مادة اخري ليست تخلفات ... فقررت حفظا لماء لوجهي ان اعتبر نفسي غير متخلف و ادخل المادة الثانية ثم اذهب لدكتور المادة راسما علي وجهي ابتسامة متخلفه لأخبره انني متخلف و لم ادخل في ميعاد امتحان مادته لتعارضها مع المادة الاخري فما كان عليه الا ان قال لي بابتسامه عريضه تعال لي بعد امتحان التيرم ... بالطبع لا يخفي علي احد سعادتي بأنني شعرت بأني متخلف بشدة عندما صدقت ابتسامته
26 /6/2007
اليوم هو اليوم الرابع الذي استقل فيه اتوبيس 14 في اجازتي الصيفية متوجها الي كليتي في عبده باشا ... طلب مني للمرة الثالثه بالامس السيد بهي الطلعة و ثغره يتسع مبتسما ... مع لمعه خفيفه في عينيه غطت علي ابتسامة صلعته الواسعة ان آتي له مرة اخري في الساعة الثانية ظهرا لأنه مشغول ... و ان شاء الله بكره هامتحنك
احاول ان اتناسي ان الجو حار ... و ان استثمر احساسي بالتخلف في عدم الشعور بأن الدكتور لن يطلب مني للمرة الرابعة أن آتي له غدا ... اصله مشغول
اصعد الي الاتوبيس ... مبتسم مقبل علي الحياة ... اشتم بأنفي رائحة غريبة ... يا الهي ... انه صديقي الكمساري ... لم استطع ان انسي وجهه من يومها ... و لكن من اين تأتي هذه الرائحة ... انظر الي الاسفل ربما هي اصابع قدميه التي رفض في المرة السابقة أن يتركها لحالها و أصر أن ينثر رذاذ عطرها في كل مكان بأن يلاعبها من وقت لأخر ... اخرجت له ورقة بعشرين جنيه ... فاذ به ينظر الي شذرا ... و قال بصوته الاجش ... نازل فين يا استاذ
خرج صوتي بصعوبة ... عبده باشا
قال لي طيب تعالي اقف هنا علي ما تيجي فكة ... و ما ادراك بهنا التي اشار اليها .. انها بجانبه تماما ... و ازدادت الرائحة بشكل اقلقني من احتمالية ان افقد وعيي ... و في النهاية استطعت تحديد مصدر الرائحة ... انه كيس بداخلة لفافة من ورق الجرائد ... أكلني الفضول ..تري ما بداخلها ... أخرجها هو ... و فك اللفافه ... التفت ابحث عن منفذ هواء متجدد فلم اجد .. منيت نفسي بأن الانف تعتاد علي الرائحة بعد دقيقة و لا تشعر بها ... اخرج هو سندوتش قرنبيط مقلي ... و نظر لي اتفضل معانا ... لكني فشلت هذه المرة في اخراج صوتي ... فالرائحة تزداد ... حول نظره عني متجاهلا نظرتي تماما
أستمعت الي صوت واضح جدا صدر لبرهة من الزمن ... صوتا غريبا .. هل هو ما اتخيل ... لأ مش معقول ... اخترقت انفي و صدري رائحة .. قطعت الشك باليقين ... اه هو الشك باليقين ... هكذا هو البرق يتبعه الرعد دائما ... و بالفعل فقد ارتعدت اوصالي من فكرة ان يبرق مرة اخري خصوصا و انه من الممكن ان يتبع هذا الرعد الكثيف بأمطار غير متوقعة.. انه القرنبيط و افعاله .. لطالما كرهته
بدأ هو في اطلاق نداءه المعهود ... الاتوبيس فاضي قدام ... اطلع قدام و هو يلوح بالساندويتش في الهواء.. في حقيقة الامر كان الجميع يحاولون جاهدين ان يطلعوا قدام ... الريحة مش ممكن ... و قد بات من الواضح انه يجب مغادرة الاتوبيس فورا و قبل ان افقد وعيي بالفعل ... نزلت علي ناصية احمد سعيد لأستنشق الهواء و اتمشي قليلا حتي الكلية
دخلت الي الدكتور (بهي الطلعة ) ... فطلب مني(دون ان ينظر لي قال يعني مشغول) اسمي و رقم جلوسي و السنة الدراسية و اسم المادة علي ورقة بيضاءأخذها مني .. و قال ... مبروك اعمال السنة كامله ان شاء الله بالنسبه لك
نظرت له ... و قلت بصوت خافت ... ما كان من الاول يا عم الحاج
يا اخي يا رب تركب اتوبيس 14 و الراجل اياه قاعد فيه عامل ييجي 500 سندوتش قرنبيط مقلي و قالبها برق في رعد
استقليت تاكسي في طريق عودتي ... كانت ام كلثوم تصدح بصوتها انما للصبر حدود ... للصبر حدود ... للصبر
حدوووووود
30/6/2007
جالسا علي المقهي ... اتوبيس 14 يمر من امامي في الشارع اقاوم رغبتي في الجري وراءه لحاقا به ... رغبة ملحة تكونت و نمت علي مدار الايام ... ابدو كمسمار يحاول الفرار من اثر مغناطيس كبير
4 /7/2007