القيراط الخامس و العشرون
أصبحت معتادا علي مثل هذة الاختناقات المرورية بشكل يومي لم أعد أتسائل عن اسبابها .. بل اصمت امام أي سائل يحاول ايجاد اجابة ... فقط أنتظر .. لا داعي للأنزعاج .. انه الروتين اليومي العادي .. ألحظ بعيناي وضع المزيد من الحواجز المرورية الحديدية امام محطات الاتوبيس .. لا اعلم ان كان غيري يلاحظها ام لا ... و ما الفارق اساسا ان لاحظها الناس أم لا .. في الطريق تجلس بجانبي فتاة حسنة المظهر بالرغم من رخص ثيابها الواضح متذمرة
تنظر لي و تقول ... باقي لي ربع جنيه .. كل مرة ياخدوا ربع جنيه زيادة عن التذكرة ... اتسائل هما مين دول اللي بياخدوا الربع جنيه الزيادة ... مش الكمساري ؟ ... تلحظ هي الشرود في عيناي فتنظر للناحية الاخري خجلا و اكتشف انني لم أنطق هذة الجملة الا في رأسي ... أدور بوجهي و أنظر لزجاج الاتوبيس المتسخ محاولا استطلاع في أي مكان نحن ... و قبل أن أقولها ردا علي الفتاة ... يقولها أحد الركاب لسبب أخر .. و أنا مالي .. أنا مالي
أتذكر ما كتب الدكتور حسين فوزي في كتاب سندباد مصري الذي كنت أقرأه ليلتها عن القيراط الخامس و العشرين كان يقول أن الفلاح المصري قديما كان يزرع أرضا واسعة ... كان متأكدا أن خيرها كثيرا جدا عليه و أكثر مما يحتاج فكان يترك كل من يريد أن يأخذ منها من الاجانب ليأخذ ما يريده .. الخليفة العثماني يأخذ عشرة قراريط .. و الوالي المعين الغير مصري يأخذ أربعة قراريط ... و يتبقي من الفدان عشرة قراريط يأخذها المماليك أو الظباط الأرنؤود و الجراكسة ... فلا يتبقي له شيء و بالرغم من ذلك فهو يعيش و يأكل ... و لذا استحدث الدكتور حسين فوزي مصطلح القيراط الخامس و العشرين
يوقظني من شرودي و تأملاتي التاريخية صوت أحد الركاب واقف بجانب الباب الخلفي و ذراعه محشور فقد أغلقه السائق عليه .. الباب .. افتح الباب يا اسطي .. الباب قافل علي أيدي .. انتوا بهايم!؟؟