هو
ظل يتأمل العناكب و هي تنسج خيوطها لتغطي منفذ الضوء الوحيد في اعلي السقف ... لم يعد يعرف كم من الوقت مر عليه هنا ... فقد ادمن الحبوب المخدره يوما بعد يوم ... اخبره احدهم قبل ان يذهب بلا عودة انها تجعل الايام تمر في هدوء و بلا تفكير ... فسرقت عمره ولم يفيق الا قليلا ... يدخل اليه كل يوم ثلاث مرات من تحت البوابه الحديديه البارده الصماء التي اشتم رائحة الصدأ عليها كثيرا طبق صغير به كسرة شبه عفنه من الخبز و حبوب مخدرة ... حتي النزهة الوحيدة التي اعتاد عليها حرم منها ... فسابقا كان يري عيون بشري أخر يدخل اليه الطعام ... فيسترق النظر اليها خلسة ... لكي يري العالم الخارجي من خلالها ... اما الان فلم يعد يري أي شيء الا الفتحة الصغيرة في اعلي سقف الغرفة الضيقة ... بها قضبان من الحديد متقاطعة تسهل علي العناكب عملها في سد الضوء عنه
و في المرات القليلة التي سدت فيها تماما ... القي بحجر جيري صغير خلعه من الحوائط علي الشباك التي كستها ليتمزق جزء منها ... يظل يتابع عمليات القنص طوال النهار ... ذبابة تقف علي القضبان الحديديه ... فتشتبك أرجلها بشرك العنكبوت ... فتعلق .. و تموت ... لتصبح طعاما ... في احدي المرات راودته فكرة أن يأكل هذا الحجر الجيري الذي يكسو الحوائط ... اعجبه طعمها الابيض ... فكان يغمض عينيه ... يكف عن محاولاته البائسة في رؤية النور .. و يستسلم في خدر الي طعم الجير في فمه ... و يتوحد مع الحوائط ... يتلامس معها بوجهه و صدره ... يتمرغ في حبيبات الجير فوق الارض ... حتي يتلامس مع الحديد البارد ... يلعق بلسانه الصدأ فيشعر بلذعة علي طرف لسانه ... يحاول تذكر ملامحه ... فلا يستطيع ... لم يعد يتذكر كيف كان يبدو وجهه ... اما اسمه فهو يتذكره بالكاد ... فلا أحد يناديه ... و ما فائدة الاسماء ان كان وحيدا
استيقظ من خدره في احدي الايام علي صوت المزاليج الحديديه تفتح ... و رأي وجوه كثيرة لم يستطع ان يميز بينها ... جميعها لها نفس الملامح المعدنيه الصدئه ... اخذوه في ردهات واسعه و بخطي مسرعة ... و بعد عدة بوابات و مزاليج .. اخرجوه الي مكان يستطيع ان يري منه السماء ... مكان بلا اسوار .. و بلا قضبان حديديه .. مكان لم يعد يتذكرانه كان يحيا به يوما ما ... نظر في عيون الكثيرين ... تذكر انها كانت اقصي امنياته و اجمل النزه منذ سويعات قليلة
نظر كثيرا في عيون الناس ... و لم ينظر اليه احد ... نظر و ليته لم ينظر ... فقد رأي في كل العيون فتحات ضيقة يكاد ينفذ منها بصعوبة الضوء ... و عناكب تنصب شباكها لذباب صغير ... يقف علي القضبان الحديديه .. فتشتبك ارجله بشرك العناكب ... فتعلق ... و تموت لتصبح طعاما ... استشعر في فمه مذاق الحجر الجيري ... و لكنه لم يعد يستطيع التلامس معه ... لأنه ما عادت الحوائط من حوله ... و عندما رفع رأسه الي السماء ... رأي عناكب اخري نبتت لها اجنحه ... تنصب شركها لذباب صغير ... فصرخ بصوت عالي ... و لكنه اكتشف انه فقد القدرة علي النطق عندما لم يعيره احد اي اهتمام ... فوضع يده في جيبه و اخرج بعض الحبوب المخدرة ... نظر اليها قليلا ... ثم ابتلعها ... فهي تجعل الايام تمر في هدوء
و في المرات القليلة التي سدت فيها تماما ... القي بحجر جيري صغير خلعه من الحوائط علي الشباك التي كستها ليتمزق جزء منها ... يظل يتابع عمليات القنص طوال النهار ... ذبابة تقف علي القضبان الحديديه ... فتشتبك أرجلها بشرك العنكبوت ... فتعلق .. و تموت ... لتصبح طعاما ... في احدي المرات راودته فكرة أن يأكل هذا الحجر الجيري الذي يكسو الحوائط ... اعجبه طعمها الابيض ... فكان يغمض عينيه ... يكف عن محاولاته البائسة في رؤية النور .. و يستسلم في خدر الي طعم الجير في فمه ... و يتوحد مع الحوائط ... يتلامس معها بوجهه و صدره ... يتمرغ في حبيبات الجير فوق الارض ... حتي يتلامس مع الحديد البارد ... يلعق بلسانه الصدأ فيشعر بلذعة علي طرف لسانه ... يحاول تذكر ملامحه ... فلا يستطيع ... لم يعد يتذكر كيف كان يبدو وجهه ... اما اسمه فهو يتذكره بالكاد ... فلا أحد يناديه ... و ما فائدة الاسماء ان كان وحيدا
استيقظ من خدره في احدي الايام علي صوت المزاليج الحديديه تفتح ... و رأي وجوه كثيرة لم يستطع ان يميز بينها ... جميعها لها نفس الملامح المعدنيه الصدئه ... اخذوه في ردهات واسعه و بخطي مسرعة ... و بعد عدة بوابات و مزاليج .. اخرجوه الي مكان يستطيع ان يري منه السماء ... مكان بلا اسوار .. و بلا قضبان حديديه .. مكان لم يعد يتذكرانه كان يحيا به يوما ما ... نظر في عيون الكثيرين ... تذكر انها كانت اقصي امنياته و اجمل النزه منذ سويعات قليلة
نظر كثيرا في عيون الناس ... و لم ينظر اليه احد ... نظر و ليته لم ينظر ... فقد رأي في كل العيون فتحات ضيقة يكاد ينفذ منها بصعوبة الضوء ... و عناكب تنصب شباكها لذباب صغير ... يقف علي القضبان الحديديه .. فتشتبك ارجله بشرك العناكب ... فتعلق ... و تموت لتصبح طعاما ... استشعر في فمه مذاق الحجر الجيري ... و لكنه لم يعد يستطيع التلامس معه ... لأنه ما عادت الحوائط من حوله ... و عندما رفع رأسه الي السماء ... رأي عناكب اخري نبتت لها اجنحه ... تنصب شركها لذباب صغير ... فصرخ بصوت عالي ... و لكنه اكتشف انه فقد القدرة علي النطق عندما لم يعيره احد اي اهتمام ... فوضع يده في جيبه و اخرج بعض الحبوب المخدرة ... نظر اليها قليلا ... ثم ابتلعها ... فهي تجعل الايام تمر في هدوء