مجنون بحريتي او حر بجنوني لا فارق ابدا
يرتدي ثياب نظيفه .. يدخن المعسل بوقار شديد ... و يحتسي الشاي و لا ينزل عينيه من علي
و اذ به فجأة يصيح بصوت عالي اشبه بالصريخ ... ولاد الكلب قتلوا السمكمك مكمك مكمك و هو يحرك يديه و وسطه راقصا
انتاب جميع رواد المقهي ضحك صاخب .. مختل عقليا يتكلم .. يقول ما يريد و يفعل ما يريد
مارا بأحدي الشوارع القريبة من منزلي ... وجدت اخر يجلس امام عقار يتم بناءه فوق كوم من الرمال يستمتع بالشمس و يقرأ جريدة قديمة و يضحك من قلبه .. ضحكة عاليه جميله من التي اسمعها قليلا و تصيبني بعدوي الضحك .. ليصمت قليلا و يعاود القراءة و يدخل في نوبة اخري من الضحك الصافي الجميل .. وقفت اتأمله يبدو مستمتعا كمن يجلس علي شاطيء من شواطيء جزر الكاريبي او فوق جزيرته الخاصه التي اشتراها في عرض المحيط و ينفعل ضحكا بقراءة رواية ساخرة
جلست فوق سور حديقة في منتصف الميدان ... تغني بصوت سييء للغاية و تلقي بأحجار صغيره علي الماره و هي لا تتوقف عن الحركة .. تارة تغني بصوت منخفض و تحدث نفسها و وجهها يعبر عن قلق و حزن خطير و تارة تغني بصوت عالي اغنية لا استطيع تمييز كلماتها ... و تعري أجزاء لها كرامة من جسدها دون خجل و هي تغني
لا اعلم لما يثير انتباهي هؤلاء الاحرار ... نعم انهم احرار فقد حققوا حريتهم و لو في خيالهم و ان كان بمرضهم النفسي ...من منا يخلو من مرض نفسي .. و هل يصح البدن كاملا في أي وقت لكي تصح النفس كاملة !؟ و هل الكمال من صفات بني البشر !؟
اتذكر قصة كنت قد قرأتها منذ سنين عدة عن طبيب نفسي شهير يتكلم عن مرضاه في مذكراته الشخصيه
و كان كلما يزورها في غرفتها تقول له .. ارجوك هنئني فقد انجبت ابنا جديدا بالامس .. و تشير له الي وسادة تحتضنها بحنان ... و تهدهدها بفرح حقيقي .. و تغني لها ... قال الطبيب النفسي تعليقا علي ذلك انه ان كان يمتلك القدرة علي اعادة العقل لهذة السيدة ما كان ليفعل ذلك بالتأكيد و استند بحجة قوية لهذا الرأي و هو انها حققت سعادتها بهذا المرض النفسي
لا اراها في الكثير من الذين يطلق عليهم عقلاء او حكماء او قل ما تريد من الاوصاف عنهم
فهل المواهب قرينة الجنون !؟ و هل اذا تحدث المجنون الي طبيبه سيقول له
و يا ايها الناظرون الي كلامي هذا ! ان كان فيه ما يجرح شعوركم او لا تهضمه معدتكم الضعيفه , فاعذروني لأنني كما تقولون ... مجنون بحريتي ... او حر بجنوني لا فارق ابدا
ولاد الكلب قتلوا السمكمك مكمك مكمك