الاثنين، يوليو 27، 2009

ويل للعالم اذا انحرف المثقفون

كم هو أمر شاق أن تقرأ التاريخ و تعرفه ... كم هو شاق ... كم هو شاق أن تحمل كل هذا الهم في رأسك ... مشفق انا علي هؤلاء الذين يقرأون ... و مشفق اكثر علي من يعملون في مجال الصحافة

***

كانت هذه هي الفكرة التي تمر برأسي قبل أن تبعث لي عزة مغازي موضوعها القادم الذي سينشر في الاهرام المسائي يوم الاربعاء القادم 29 -7 - 2009 .... عن مكتبة الاسرة ... في التدوينة السابقة التي كتبتها تحدثت عن مرض الفساد و اعراضه المتمثلة في الرشوة و الواسطة
و ها هو موضوع جديد يتحدث عن تلك الاعراض

***

في عام 1994 بدأ خروج مشروع مكتبة الأسرة الي النور ... هادفا الي انشاء مكتبة صغيرة في كل منزل و بأسعار رمزية ... و كان شعاره القراءة للجميع ... هدف نبيل لنشر المعرفة و الوعي و الثقافة للجميع في مجتمع تبلغ فيه الامية الثقافية ما يقارب ال95 % ... أخر مرة منذ عامين دخلت الي مكتبة خاصة مشهورة سألت عن ثمن رواية تغريدة البجعة لمكاوي سعيد فقال لي 25 جنيه ... فلم اشتريها ... لم يكن معي نقود كافية في وقتها ... و اثناء عودتي وجدت لدي فرشة جرائد امام منزلي نفس الرواية من اصدارات مكتبة الاسرة بجنيهين و نصف ... فاشتريت ست نسخ ... وزعتها علي اصدقائي من محبي القراءة ... و ابقيت لنفسي واحدة كم كنت سعيد للغاية بأن اجد تلك الرواية بهذا السعر الرمزي
***
كانت باكورة هذا الاتجاه الجديد في نشر الأعمال الموسوعية الكبرى ضمن سائر إصدارات مكتبة الأسرة، هي إعادة طبع موسوعة مصر القديمة لعالم المصريات الأشهر سليم حسن في 16 جزء، يتراوح عدد صفحات كل جزء بين 600 و 800 صفحة بثمن رمزي (خمسة جنيهات لكل جزء) و هذه الموسوعة التاريخية القيمة لا غنى عنها للمتخصصين و الدارسين لتاريخ مصر القديم و علومها و فنونها و ديانتها و حياتها الثرية و تطور الجوانب المختلفة لحضارتها
***

تتحدث عزة مغازي في موضوعها الصحفي عن وجه من اوجه الفساد ... يشتري بائعي سور الازبكية كميات كبيرة من تلك الكتب فور صدورها ... بمعاونة موظفى التوزيع ومنافذ البيع التابعة للهيئة ... و يبيعونها باضعاف اضعاف ثمنها ... تتحدث عن سلسلة اجزاء كتب تباع ب48 جنيه من مكتبة الاسرة يبيعها الفاسدين ب200 جنيه !!!

***

واقع يستحق التأمل و التحليل بعد أن تم رصده ... اليس هذا وجه قبيح من اوجه الفساد !؟ الفساد الذي وصل حتي الي الوسط الثقافي ... ما كل هذا العبث ... لماذا نغلق اعيننا امام مثل هذه الظواهر الملعونة
سيأتي احدهم الأن و يقول لي و كأن الأمر لا يخصه ... اصل ده دور الحكومة ...
و هنا سأعيده لتدوينتي السابقة ... الأزمة الأن ليست في الحكومات ... و انما في الفساد ... ويل للعالم اذا انحرف المثقفون ... الويل للعالم المثقفين
***
كم هو امر شاق أن تقرأ التاريخ و تعرفه ... كم هو شاق ... كم هو شاق أن تحمل كل هذا الهم في رأسك ... مشفق انا علي هؤلاء الذين يقرأون ... و مشفق اكثر علي من يعملون في مجال الصحافة ... و اكثر اشفاقا علي كل من يمارس الفساد دون أن يشعر بأي ذنب

الأحد، يوليو 26، 2009

و لو

مش كل مرة بترفع عينيك للسما بتشوف شهاب معدي ... اكيد يا صاحبي مش لازم تشوف شهاب ... بس يكون الامر غريب لما كل مرة ترفع عينك لفوق تلاقي كيس زبالة بيترمي عليك .. بكرة تروق و تحلي تاني ... صدقني هتحلو و يروق الجو حتي و لو كان ... حتي و لو

***

كانت اهداف الانقلاب العسكري في يوليو 1952 الذي سمي في 1954 بثورة يوليو ... القضاء علي الإقطاع ... القضاء علي الاستعمار ... القضاء علي سيطرة رأس المال ... إقامة حياة ديمقراطية سليمة ... إقامة جيش وطني قوي ... إقامة عدالة اجتماعية

***

لا تعليق

***

كان اليوم هو يوم 23 يوليو 2009 عندما كنت اجلس علي شاطيء البحر الأحمر ... يوم اجازة لكل المصريين أخذت دراجتي الجديدة ووضعت فوقها السنارة و ادوات الصيد و اتجهت نحو اللسان في وسط البحر ... و جلست لأصطاد ... كان يجلس بجانبي اثنان كل واحد منهم يحكي للأخر عن أكبر سمكة اصطادها ... كل واحد منهم يقول للأخر انا اصطدت سمكة قااااااد كدة ... ثم انتقل الحديث لأشياء أخري لم يستفزني من حديثهم سوي كلمة التدين السطحي ... احدهم كان يقول للأخر ... مشكلتنا في البعد عن الدين .. التدين السطحي هو المشكلة

***

التدين السطحي ... مصطلح كثيرا ما اقرأه او اسمعه ... في وسائل الاعلام المختلفة و في الاحاديث اليوميه العادية ... مصطلح يستدعي الي الذهن اننا في حاجة الي المزيد من التدين ... الغير سطحي بالطبع ... و لكن كيف !؟ كيف يمكن لأحد أن يزيد من تدينه و هو فاقد لقيمة الدين الاكثر اهميه ... قيمة أن تحب أخيك كنفسك ... أن تراعي الله في عملك ... شيء جميل أن نصلي و لكن يصبح سييء للغاية إن تبع ذلك ... الرشوة أو الفساد فهي اشياء تفسد المجتمع و تضر بفاعلها قبل أن تضر بالأخرين ... في حقيقة الأمر ... لسنا في حاجة لزيادة مظاهر التدين لكي ننهي التدين السطحي

***

الرشوة وجه من اوجه الفساد ... عرض و ليس مرض ... المرض هو الفساد و العرض هو الرشوة ... أو الواسطة ... الخ الخ ... كلها اعراض لمرض واحد ... مرض الفساد

***

أخذت دراجتي الجديدة و عدت بعد أن أنهيت نصف كيلو من الجمبري الصغير الذي استخدمه كطعم .. التهمته الاسماك و لكنني لم انجح في اصطياد اي سمكة كبيرة ... او حتي صغيرة ... معي كتاب اقرأه للمرة الثانية ... الحركات السياسية في مصر من عام 1945 لعام 1952 لطارق البشري ... كتاب قيم للغاية و يعتبر مصدر من المصادر كما اخبرني دكتور ياسر ثابت و الذي شجعني حديثه عنه علي قراءته مرة ثانية ... في نهاية القراءة الثانية اتضح لي الأمر بشكل يبدو اكثر اكتمالا عن تلك الحقبة الزمنية التي سبقت الجمهورية في مصر ... المشكلة كانت في الفساد .. فساد الجميع ... و ظلت نفس المشكلة هي هي بعد انقلاب يوليو 1952 ... و زادت بعد تحديد اقامة اللواء محمد نجيب الرجل الوطني الحقيقي ... رحمه الله
الفساد هو المشكلة و ليس النظام الملكي او الجمهوري أو الانظمة الاقتصادية بمختلف تياراتها أو حتي التدين السطحي ... ذلك المصطلح الشائع حاليا في وسائل الاعلام

***
مش كل مرة بترفع عينيك للسما بتشوف شهاب معدي ... اكيد يا صاحبي مش لازم تشوف شهاب ... بس يكون الامر غريب لما كل مرة ترفع عينك لفوق تلاقي كيس زبالة بيترمي عليك .. بكرة تروق و تحلي تاني ... صدقني هتحلو و يروق الجو حتي و لو كان ... حتي و لو

الأربعاء، يوليو 01، 2009

شهوة الحكي

اطلق حلاق يسكن بجانبي علي نفسه لقب الدكتور بعد أن افتتح معهدا لتعليم الحلاقة ... لا يجيب علي احد الا اذا سبق النداء علي اسمه هذا اللقب ... هو في الحقيقة لم يكمل تعليمه الثانوي التجاري ... يعلق في محله شهادات كثيرة عن حصوله علي المركز الأول في مسابقات تصفيف الشعر
سمعته يقول لأحد زبائنه عن أنه يدرب الحلاقين المبتدئين علي حلاقة رؤوس الفواعليه ( عمال الفاعل ) الذين يجلسون بجانب السنترال منتظرين أن يستأجرهم مقاول الأنفار
يأتون اليه طواعية لأنه يحلق شعورهم مجانا


***
كان يضحك بشدة و هو يروي أن أحد المتدربين المبتدئين لديه قطع جزء من اذن احد الفواعليه بالمقص ... و أنه اعطاه عشرة جنيهات فهدأ غضبه و لازال يأتي اليه في المعهد ليحلق مجانا
في كل مرة امر بجانب السنترال ابحث عن الفواعلي مشوه الأذن و لا اجده
في المرة الأخيرة اشار إلي احد الفواعليه و هو يقول هو ده ... هو ده ... فأتوا إلي مهرولين متحفزين ... التفوا من حولي و تمعنوا قليلا في وجهي ... و تمعنت في وجوههم ... و اذانهم

ثم اكتشفوا ... انه مش هو ده ... فذهبوا مطرقين برؤوسهم ليجلسوا القرفصاء امام السنترال مرة اخري منتظرين من يأتي ليأخذهم لأي عمل

***
قال لي صديق
أصل انت مش عارف أنا اصلي مابحبش نفسي .. و لما لقيت واحدة تحبني استغربت !
قلت احبها اوي و هي تحبني و يبقي في حد بيحبني حتي لو كنت ما بحبنيش
مالك بتبص لي كده ؟؟ شكلك مش مصدق !
طيب ايه رأيك في مرة من المرات قالت لي انت طعم الكلام معاك شبه الكيك السخن ... قمت ما كدبتش خبر و جبت كيك سخن و اكلته علشان اعرف طعم الكلام معايا ايه !؟
تصدق لقيت طعمه في بقي مر !
اصل انا مبحبش نفسي .. و لا احب اتكلم معايا كمان .... بس حبيت الكيك السخن علشان هي بتحبه ... بس لما سابتني فضلت احب الكيك السخن ... و اكره نفسي !

***
صديق أخر قال لي انت شبه الكابينيه !
كل واحد عنده خرا في حياته بييجي يدلقه عندك ... انا عارف انك تعرف عننا كلنا مصايب ... بس امرك غريب يا أخي ... عندك سيفون ... تسمع و تسكت و لا يبان عليك حاجة !
اوعي تكون فاكر اني باشتمك لما باقول لك انك شبه الكابينيه ... بالعكس ... انت غريب عندك قدرة علي إنك تسمع مصايب الناس دايما و تشد عليها السيفون ! يا ريت كان عندي السيفون بتاعك ده

***
في المساء عندما اتصل بي صديق دراسة قديم ... اتفقنا علي أن نتقابل علي المقهي بعد ساعة ... أتي و في عينيه ذهول و لمعة شديدة ... بدأ حديثة بأنه مل من البحث عن عمل ثم بدأ يقول اشياء غريبة مثل أنه معجب باليابان لأنهم يزرعون البطيخة المكعبة ... و أنه يشاهد افلام سيكس للافيال الاسيوية المهددة بالانقراض ... كانت تكسو ملامحه جدية شديدة عندما قال لي
تعرف ... انا مليت برطمان بالسكر ... و حطيته وسط طبق ميه في المطبخ عندنا ... و قعدت اراقبه ... لقيت نملة بتلف حواليه ... ما عرفتش تخش علشان الميه ... قامت طلعت علي الحيطة ... و مشيت لحد ما وصلت للسقف فوق الطبق ... و رمت نفسها في السكر و فضلت قاعدة جواه تاكل
نظرت اليه فلم أجده يضحك ... كان يتحدث بجدية شديدة ... لم استطع تمالك نفسي من الضحك ... ضحكت بصوت عالي
لم استطع تفسير انفعالات وجهه عندما نظر الي بأسف شديد و سألني باستنكار
انت بتضحك ليه !؟
لم ارد عليه و ازداد ضحكي ... تحول لقهقهات عالية جدا
اطرق برأسه حتي انتهيت من الضحك ... ثم وقف في وضع خطابي ... انتم بهايم ... عمركم ما هتتقدموا طول ما بتفكروا كده ... ده منهج البحث العلمي اللي انا طبقته علي النملة و طبق السكر ده !!
أنا ماشي جتكم القرف كلكم
ثم ذهب

***
شعرت بعدها بذنب شديد ... لأنني لم أتبين أن صديق الدراسة القديم فقد عقله ... سألت عنه بعد ذلك فعلمت ان له سنتان لم يخرج من منزله ... يجلس امام شاشة الكمبيوتر طوال اليوم ... و عندما فكر في الخروج ... اتصل بي ليجدني اسخر من كلامه و اضحك ... فدخل الي قوقعته مرة اخري

***
عندما سألني القهوجي عن صديقي الصيدلي ... و هل سيأتي اليوم الي المقهي !؟
تفهمت انه يريد أن يطلب منه قرص فياجرا أو ترامادول لكي يقضي ليلة سعيدة مع زوجته ... تابعت هذا القهوجي منذ أتي الي القاهرة من قريته الريفية ... كان شخصا مختلفا ... كانت اضواء المدينة تبهره ... و كلما رأي فتاة تمر من امام المقهي اخرج لسانه من فمه و هو ينظر اليها ... و لما اشتري تليفون محمول جديد ظل يسأل الجميع عن مقاطع السكس ... و يحتفظ بها ... و لكنه ظل بنفس الشخصية
و لكن عندما بدأ في تعاطي هذه الاقراص الملعونه ... الترامادول ... تغير تماما ... اصبح شخص أخر ... في كل مرة يسأل صديقي الصيدلي عن اقراص المخدر اللعين يقول له انه لا يبيعه في صيدليته ... و لكنه يكرر السؤال بشكل شبه يومي و يتلقي نفس الاجابة و لا يمل من تكرار السؤال ابدا
***

كنت أجلس مع اصدقاء في إحدي القري السياحية عندما أتت تلك الفتاة العشرينية الجميلة صديقة اصدقائي و جلست بيننا ... أشعلت سيجارتها و بدأت تتابع الحديث و هي صامته ... ثم تدخلت في الحديث و قالت ... انا ما ينفعش اتجوز واحد علشان معجب بجسمي ... لازم يكون معجب بشخصيتي كمان ... اصل انا ممكن جسمي يتغير ... بس شخصيتي مش ممكن تتغير ابدا
عندها انفصلت تماما عن الحديث و رأيت في وجه النادل ذو الملامح الريفيه وجه القهوجي محب اقراص الترامادول و الفياجرا ... و تسائلت ... من قال أن الشخصية لا تتغير !؟
بل هي تتغير دائما ... لا شيء ثابت ... فكما الجسد تتغير ملامحة ... تتغير ملامح الشخصيات ايضا
***
اذا كنت قد وصلت الي هذا المقطع من التدوينة فأنت بالتأكيد تتسائل ... ما علاقة ما كتبته ببعضه ... الحقيقة أنه لا توجد أي علاقة ... إنها فقط شهوة الحكي علي الورق التي انتابتني ... و حظك العاثر الذي اوقعك في قراءة هذه المدونة ... فلا تبحث عن روابط بين المكتوب


statistique