ويل للعالم اذا انحرف المثقفون
كم هو أمر شاق أن تقرأ التاريخ و تعرفه ... كم هو شاق ... كم هو شاق أن تحمل كل هذا الهم في رأسك ... مشفق انا علي هؤلاء الذين يقرأون ... و مشفق اكثر علي من يعملون في مجال الصحافة
***
كانت هذه هي الفكرة التي تمر برأسي قبل أن تبعث لي عزة مغازي موضوعها القادم الذي سينشر في الاهرام المسائي يوم الاربعاء القادم 29 -7 - 2009 .... عن مكتبة الاسرة ... في التدوينة السابقة التي كتبتها تحدثت عن مرض الفساد و اعراضه المتمثلة في الرشوة و الواسطة
و ها هو موضوع جديد يتحدث عن تلك الاعراض
***
في عام 1994 بدأ خروج مشروع مكتبة الأسرة الي النور ... هادفا الي انشاء مكتبة صغيرة في كل منزل و بأسعار رمزية ... و كان شعاره القراءة للجميع ... هدف نبيل لنشر المعرفة و الوعي و الثقافة للجميع في مجتمع تبلغ فيه الامية الثقافية ما يقارب ال95 % ... أخر مرة منذ عامين دخلت الي مكتبة خاصة مشهورة سألت عن ثمن رواية تغريدة البجعة لمكاوي سعيد فقال لي 25 جنيه ... فلم اشتريها ... لم يكن معي نقود كافية في وقتها ... و اثناء عودتي وجدت لدي فرشة جرائد امام منزلي نفس الرواية من اصدارات مكتبة الاسرة بجنيهين و نصف ... فاشتريت ست نسخ ... وزعتها علي اصدقائي من محبي القراءة ... و ابقيت لنفسي واحدة كم كنت سعيد للغاية بأن اجد تلك الرواية بهذا السعر الرمزي
***
كانت باكورة هذا الاتجاه الجديد في نشر الأعمال الموسوعية الكبرى ضمن سائر إصدارات مكتبة الأسرة، هي إعادة طبع موسوعة مصر القديمة لعالم المصريات الأشهر سليم حسن في 16 جزء، يتراوح عدد صفحات كل جزء بين 600 و 800 صفحة بثمن رمزي (خمسة جنيهات لكل جزء) و هذه الموسوعة التاريخية القيمة لا غنى عنها للمتخصصين و الدارسين لتاريخ مصر القديم و علومها و فنونها و ديانتها و حياتها الثرية و تطور الجوانب المختلفة لحضارتها
***
تتحدث عزة مغازي في موضوعها الصحفي عن وجه من اوجه الفساد ... يشتري بائعي سور الازبكية كميات كبيرة من تلك الكتب فور صدورها ... بمعاونة موظفى التوزيع ومنافذ البيع التابعة للهيئة ... و يبيعونها باضعاف اضعاف ثمنها ... تتحدث عن سلسلة اجزاء كتب تباع ب48 جنيه من مكتبة الاسرة يبيعها الفاسدين ب200 جنيه !!!
***
واقع يستحق التأمل و التحليل بعد أن تم رصده ... اليس هذا وجه قبيح من اوجه الفساد !؟ الفساد الذي وصل حتي الي الوسط الثقافي ... ما كل هذا العبث ... لماذا نغلق اعيننا امام مثل هذه الظواهر الملعونة
سيأتي احدهم الأن و يقول لي و كأن الأمر لا يخصه ... اصل ده دور الحكومة ... و هنا سأعيده لتدوينتي السابقة ... الأزمة الأن ليست في الحكومات ... و انما في الفساد ... ويل للعالم اذا انحرف المثقفون ... الويل للعالم المثقفين
***
كم هو امر شاق أن تقرأ التاريخ و تعرفه ... كم هو شاق ... كم هو شاق أن تحمل كل هذا الهم في رأسك ... مشفق انا علي هؤلاء الذين يقرأون ... و مشفق اكثر علي من يعملون في مجال الصحافة ... و اكثر اشفاقا علي كل من يمارس الفساد دون أن يشعر بأي ذنب