الاثنين، ديسمبر 22، 2008

فيلم لمشاهد واحد ... فقط

تشغلني هذة الايام بشكل متكرر فكرة الموت ... لكي اكون اكثر وضوحا ليس الموت نفسه ... منذ ما يزيد علي شهر كنت امشي في الشارع و انا نازل علي درج المترو ... وجدت رجلا يسقط امامي ... كان يبدو من ملامحه انه في العقد الرابع من عمره ... سقط علي الارض بعد أن نزل السلم كله ... نظرت اليه مندهشا فقد كان نزوله علي الدرج سريعا ... نشيطا ... و لكنه سقط ... وقفت انظر اليه و ملامح وجهه هادئة و لا يتنفس ... كنت اعتقد أن الموت له شهقة مثل ما يحدث في الافلام ... و لكن مات هذا الرجل بلا أي مقدمات

أتي رجال الشرطة في المترو و فتشوا جيوبه لكي يعثروا علي عنوانه ليبلغوا اهله ... وقف عميد شرطة يقول .. إنا لله و ان اليه راجعون ... إنا لله و أنا اليه راجعون ... كان يقولها في خشوع حقيقي ... في رهبة مناسبة تماما للموقف الذي لم استطيع ادراكه في لحظتها ... كل ما فكرت فيه هل كان هذا الرجل مستعدا لأن يموت علي سلالم المترو و بهذة الطريقة او حتي تخيل ذلك !؟ ... منذ اسبوعين جلست وسط مجموعة من الاصدقاء في العين السخنة ... اصدقاء من هؤلاء الذين تراهم في المصيف كل عام بحكم الجيرة ... سألني احدهم ما هو اجمل موقف حدث لك في حياتك ... فقلت له ... اول حاجة من كل حاجة ... اول مرة رحت فيها المدرسة ... اول مرة امسك فيها ايد واحدة بحبها ... اول مرة اسافر مكان جديد
ثم توجهت بالسؤال للجميع ... ما هو اصعب موقف حدث لك في حياتك ؟
فأجاب اول واحد أن تقترب من الموت ... اخبرنا انه اقترب منه مرتين ... عندما كان يغرق في البحر العام الماضي و عندما انقلبت سيارته به علي الطريق السريع بعدها بقليل ... حكي أنه رأي شريط حياته يمر أمامه بسرعة و هو ينازع و يقاوم الموت ... و هذا هو ما يشغلني بحق ... ليس الموت ... او الانتقال من عالم لأخر .. و لكن هذا الفيلم القصير ذو المشاهد السريعة ... الذي يراه المرء قبل أن يموت ... في دفاتر التدوين و تحديدا في الدفتر الرابع – نوافذ النوافذ – لجمال الغيطاني – كان يتحدث الرجل عن هذة الفكرة و كتب انه يود أن يتذكر مشاهد بعينها في حياته أثرت فيه كثيرا ... اما عني انا ... فيا تري ماذا سأري في هذا الفيلم القصير الذي لا يتعدي الثواني ... مشاهد سريعة من شريط الحياة ... المشاهد الأهم ... شيء ما كالحلم ... حكي صديقي أنه رأه مرتين و لم يستطع ان يحكي ماذا رأي لنا ... ربما هو كالحلم تماما ... نراه و لا نستطيع أن نحكيه ... لطالما تسائلت بيني و بين نفسي ... هل لي أن امتلك قدرة المونتير !؟ في فيلم الحياة الطويل ... أن اقص منه ما لا يعجبني فلا أعود اتذكره ... و يبدو لي أن المونتاج بالفعل يحدث في عقلي تمهيدا للعرض الأخير ... الذي لن يراه سوي مشاهد واحد ... أنا
يا تري ماذا سأري في هذا الفيلم ... فلنفترض أن المشهد الأول سيكون ليل داخلي ... الكاميرا و هي هنا عيني ... تركز مقتربة من عينها الواسعة العسلية ... مركز للدروس الخصوصية ... فتاة صغيرة في الصف الثالث الاعدادي ... اول من احببت ... تبتسم فتلمع عينيها ... و عندما تنظر لي يحدث قطع في المشهد الأول
المشهد الثاني ... ليل خارجي ... لقطة واسعة متوسطة ... هي و أنا نمشي في شارع شبرا احاول أنا ان ادعي البطولة في أي شيء و لا انجح في ذلك ... و اري في يدها بوستر كاظم الساهر كبيرا ... شريط في مدرسة الحب ... علمني حبك سيدتي اسوأ عادات ... علمني افتح فنجاني في الليلة الاف المرات .. و اجرب طب العطارين و اطرق باب العرافات ... علمني اخرج من بيتي ... لأمشط ارصفة الطرقات ... و اطارد وجهك في الامطار و في اضواء السيارات ... هذة الابيات من الاغنية كخلفية موسيقية للمشهد ... تقترب الكاميرا بشدة من وجهها ... ثم تذهب الي اضواء السيارات ... و يتلاشي المشهد تدريجيا ... بين اضواء السيارات التي تملأ الكادر تماما بنور أبيض و اصوات كلاكسات ... و يحدث القطع في المشهد الثاني
المشهد الثالث ... ابي يقود سيارته ... يظهر وجهه كاملا في مرآة السيارة و انا جالس في الخلف ... تجلس والدتي بجانبه و اختي بالخلف بجانبي ... ذاهبين الي مطار برج العرب ... حيث ستركب اختي الطائرة مهاجرة مع زوجها ... يشير أبي الي اختي في المرآة و يقول كلمتين لا يفهمهم كل من في السيارة ... و يصدر صوتا يبدو أنه ضحكة ... و نكتشف بعدها انه انزل دمعتين علي وجهه و انه لم يكن يضحك ... هي المرة الاولي التي اري فيها علي وجهه دمعه ... يصمت الجميع احتراما لتلك اللحظة شديدة الخصوصية ... و ينتهي المشهد بلقطة واسعة تصور السيارة من الأعلي و الطريق الأسفلتي يشق الصحراء متعرجا ... قطع
المشهد الرابع ... نهار داخلي ... الكاميرا تدور في وسط الصالة ... سيدات يتشحن بالسواد ... و رجال يجلسون بجانب باب الغرفة المغلق ... بالداخل اري من خلف الزجاج الاصفر المغبش ... خيال اشخاص يتحركون حركة سريعة الخطوات ... تفتح الباب جدتي و اثار البكاء علي وجهها ... تقول لي ... تعالي ادخل القي نظرة الوداع علي جدك ... فأرفض لأنني احب أن احتفظ بصورته في مخيلتي بوجهه و هو مبتسم ... و حي ... تصمت جدتي قليلا و تنظر الي شاردة ... ثم تدخل مرة أخري الي الغرفة و تغلق الباب ... قطع
المشهد الخامس ... ليل داخلي ... الكاميرا لازالت اما نفس باب الغرفة التي اغلقته جدتي ... الجميع يجلسون في هدوء .. و جدي يجلس علي كرسيه و في يده البايب ... يدخن و يلقي علينا أخر نكتة يعرفها ... و امامه جريدته التي رتبها بعناية بعد أن قرأها ... و زجاجة المياه و الكوب فوق فوطة صغيرة مطبقة بعنايه فوق الطاوله من خلفة
المشهد السادس ... ليل خارجي ... لقطة قريبة من الخلف ... شارع الكوربة ... امشي بجانب فتاة لها طلة عشرينية ... احاول أن امسك بيدها و اخاف من أن ترفض ذلك ... فاحتال عليها ... و اقول لها ... عارفه لما واحد بيحب واحدة اوي بيبقي نفسه يمسك ايدها ... تنظر هي الي و في قسمات وجهها ابتسامة ماكرة ... و تقول لي ... لو عايز تمسك ايدي ... امسكها ... فيرقص فلبي فرحا لذلك الوضوح ... و اقبل يديها الاثنين ... و تغرق هي في الخجل ... قطع
المشهد السابع ... ليل خارجي ... الرابعة فجرا ... شارع مليء بالاشجار و في نهايته أري خطوط الأفق يتطابق فيها البحر مع السماء ... القمر كاملا ... الكاميرا تصورني من الخلف ... انهي مكالمة من تليفوني المحمول ... و اشعر بسعادة طاغية ... فافتح صوت التليفون علي اعلي درجة و اغنية سلو ... أنظر الي أعلي فأري شهاب يشق السماء فينيرها ... امد يداي الي الأمام و كأنها امامي و ابدأ في الرقص وحيدا و كأنها معي ... و عندما تنتهي الاغنية لا الاحظ ذلك ... و اكمل رقصتي ... مع القمر ... الكاميرا تتجه الي السماء مرة اخري ... قطع عن طريق شهاب اخر يمر في السماء
المشهد الثامن ... ليل خارجي ... نفس الشارع المليء بالاشجار و في نهايته أري خطوط الأفق يتطابق فيها البحر مع السماء ... اجلس مع اصدقاء عمري ... يشكو كل منا للأخرين مشاكله ... فأخبرهم بنظريتي في الحياة ... نظرية الحتة الناقصة ... لا يوجد شيء في الكون كاملا ... الكمال لألله وحده ... كل شيء لابد له أن يكون به .. حتة ناقصة .. و مادام الوحد شايف الحتة الناقصة ... يقدر يستمتع بحياته ... لأنه عارف فين المشكلة ... و قادر يعيش معاها ... انما وقت ما تكون مش شايف الحتة الناقصة .. لازم تخاف ... لأنها ممكن تكون كبيرة أوي لدرجة انك مش قادر تشوفها ... مفيش حاجة كاملة ... و اخبرهم بمقولة فرنسيس بيكون الشهيرة ... انه صالح جدا ... صالح لدرجة أنه لا يصلح لأي شيء ... و تتجه الكاميرا نحو الامواج المتلاطمة ... قطع
هذا هو ما يشغل بالي ... تلك المشاهد التي سأراها قبل أن انتقل من عالمنا هذا الي العالم الأخر ... في رأسي مشاهد كثيرة قد تمر ببالي وقتها ... و قد لا تمر ... و لكنني لن اكتبها كلها ... فما دام للعمر بقية فللمشاهد امتدادات لا نهائيه
الرسوم المصاحبة للتدوينة للمبدع رينيه ماجريت*

الأربعاء، ديسمبر 17، 2008

الحزن يميل للممازحة

استيقظت اليوم علي صوت نشيد الصباح و تحية العلم في المدرسة المجاورة ... صفوف من الاطفال بزيهم الازرق الجميل و وجوههم الغضة المتوردة بفعل برودة الجو ... فتحت الجرائد لأطالع المانشيتات ... كلها تتحدث عن الجزمة و بوش ... ياله من أمر مضحك ... فقط في المجتمعات الديمقراطية يحترم الناس القانون اما في المجتمعات الاخري فيحترم الناس السلطة ... أي سلطة ... و لذا القي الصحفي العراقي بالجزمة في وجه ممثل السلطة و لم يحترم القانون ... قانون أنه صحفي و سلاحه هو قلمه و ليس الحذاء ابدا ... و أنه في مؤتمر صحفي و ليس في الفسحاية
ما علينا
***
لاحظت اثار مساحيق التجميل علي وجهها في المرة الأخيرة ... اعجبني ذلك و قلت لها تبدين جميلة اليوم كعادتك ... فاحمرت وجنتاها خجلا و ابتسمت ... لم أبه لهذه المساحيق كثيرا رغم انها اسعدتني ... لم أبه لأنها بالفعل جميلة بها او بدونها ... كان جدي في جلساته الرائقة صباحا يلقي الي بحكمة السنين من وقت لأخر و هكذا يفعل ابي ايضا ... ابي يقول لي لا توجد فتاة غير جميلة ... اما جدي فقد كانت نظريته اكثر عمقا و رونقا ... كان يقول رحمه الله .. مفيش ست وحشة ... الست عامله زي البيانو يا بني ... مش أي واحد ممكن يطلع منها نغم حلو ... لازم تبقي فنان ... و انت تعرف تطلع منها احلي نغم ... و قد كان بالفعل موسيقار ... او مايسترو ... و مايسترو تعني استاذ و ليس قائد فرقة موسيقية فقط كما هو شائع ... هكذا ايضا قرأت مقولة لصلاح جاهين يقول فيها ... كل الفتيات جميلات .. فانت من يرسمها اميرة علي مسرحك الخاص .. هكذا كان يفعل جدي ... كان يعرف يعرف ما هو السلم الموسيقي
***
ايام قليلة و يمر عام أخر ... ندخل في عام جديد ... عمر يمر ... ارفض أن اسلم بأنني اكبر في العمر ... في المرة الاخيرة عندما كنت اتحدث معها قلت لها انت كبرتي ... مش مصدق انك انت من تقولين هذا الحديث ... يمكن انا رافض لفكرة انك كبيرة لأني رافض فكرة اني انا شخصيا كبرت ... اود ان اعود الي التسعينيات الدافئة ... و اهرب من هذة الالفينيات التي يكاد يمر منها عقدا كاملا دون أن اشعر
بالامس اخبروني ان احدي قريباتي و التي تماثلني في العمرتقريبا انجبت طفلها الثاني ... فابتسمت ... و قلت لهم مبروك ... يبدو أن الزمن يصر علي أن يذكرني انني كبرت في السن ... و ان بعض الشعيرات البيضاء بدأت تتناثر في رأسي ... و أن ... و أن ... يا الله ... لازلت امارس عادتي السرية في زيارة حديقة الحيوانات من وقت لأخر كأنني طفل ... وحيدا اتسرب الي هناك ... ازور الاسود و انتظر ان يصدر الاسد صوته المفزع و اضبط نفسي و انا ابتعد عنه قليلا مثلما يفعل الاولاد بجانبي ... و اشتري القليل من الاسماك و اعطيها للبجع ... و احتفظ بواحدة مختبئة اعطيها لفرس النهر دون أن يراني الحارس ... حزنت يوم ماتت الزرافة ... فقد كانت تبهجني برقبتها الطويلة و شكلها الغريب ... و استمتع برؤية القرود و هي تقشر البونبون عندما القيه لها و لا استطيع ان اتوقف عن الدهشة من انهم يفهمون ان هذا السكر مغلف ببلاستيك ملون لا نفع له ... انها عادتي السرية الصغيرة التي لا احد يعلم عنها شيئا ... و عندما اخرج من هناك ... اظل مبتسما طوال اليوم ... الي أن يراني احد الذين يعرفونني فأخلع عني الابتسامة الطفولية و ارتدي ذلك الوجه الهاديء ... فلن يفهم احد اسراري الصغيرة المبهجة بل و قد يتهمونني بالجنون ... ففي المرات القليلة التي حاولت أن اشرح فيها أنني لا اكل الحمام لأنه طائر وديع يكفي أن تنظر لعين اليمام او الحمام لتكتشف ذلك و بسهولة ... او البط لأنه مبهج و هو يقفز في المياه و يعوم من خلفة افراخه ... و يخرج منها ملاعبا ذيله و منقاره المفلطح و يصدر صوته الضاحك ... في المرات القليلة التي شرحت فيها هذة الاشياء البسيطة قوبلت باستهجان غريب من كل من سمعني ... ارتدي القناع الهاديء علي وجهي ... احافظ علي تلك القشرة اللطيفة التي تعجب الناس ... و اخاف من أن افرح بصوت عالي ... لكي لا تتبعثر اشيائي الصغيرة و يتسرب الشيب الخارجي الي اعماقي ... يا الله انها ايام قليلة و نصبح في عام الفين و تسعة ... و انا لازلت صغيرا ... او حتي كبيرا ... لا يهم
***
اكتشفت هذا الاسبوع اديب جديد لم اكن اعرف عنه أي شيء سوي اسمه ... محمد مستجاب ... اكتشاف جميل بحق ... رجل يكتب و كأنه ينسق الزهور ... قرأت له مجموعة قصصية من اصدارات كتاب العربي ... و اخري من اصدارات مكتبة الاسرة ... الحزن يميل للممازحة ... و كم كان هذا الاكتشاف جميل ... جميل و ممتع بحق

الخميس، ديسمبر 04، 2008

رقصة سلو ... مع النجوم

احب الساعات ذات الميناء المستدير و اكره الساعات ذات الاطار المربع ... او المستطيل ... الزمن يدور و اطاره يجب أن يكون مستدير ... كما يغني علي الحجار من الحان عمر خيرت ... دور يا زمن و خدنا في دايرتك ... الكرة الارضية مستديرة و الشمس مستديرة و تدور الأرض في مسار دائري و ليس مربعا حول الشمس ... حتي كرة القدم التي يجلس الكثيرين امامها لساعات دون ملل هي مستديرة ... و لذا فأنا اشعر بالكراهية المبررة للساعات المستطيلة و المربعة ... فهي لا تدور في دائرة ابدا
***
ليست كل الاغاني الحزينة ... تحزنني و العكس صحيح ... فأغنية هاتدور بنا يا زمن .. هاتدور بنا .. و تجيب اخرنا قوام ... نجيب أخرتك ... عندما اسمعها ... اشعر بالسعادة الطاغية رغم ان صوت الحجار به مس من الحزن ... ربما لأنني لي اسبوع كاملا و انا سعيد !؟ ... انه شيء مدهش أن تفرح و أن تشعر بزخات الفرح تخترق مسامك و تتسرب الي مفاصلك لكل هذة المدة الطويلة أه واللهي مدة طويلة جدا ... لا الجرح باقي و لا الحياة بتنتهي و لو انتهي يوم .. يوم جديد يبتدي و بعد ضلمة ليلنا .. ضلمة ليلنا ... هاتزهزهي
***
هناك اناس يسبق ظهورهم في يومك العادي شهب تشق عتمة الليل فتبهجك ... قيل لي ذات مرة انني اذا تمنيت امنية بعد رؤية هذا الشهاب فستتحقق ... و اين يمكنك أن تري شهابا الا في عتمة الليل !؟ عندما تدور الكرة الارضية و تكون أنت في الجزء الأخر الذي لا يواجه الشمس ... من قال أن النور يجعلني اري كل الاشياء بوضوح !؟ هذا غير حقيقي فلكل شيء جانب ايجابي ... قرأت اسطورة هندية قديمة تقول أن النجوم التي اراها ليلا هي هؤلاء الذين احببتهم و رحلوا عن عالمنا هذا ... يطلون علي من السماء ليلا ... و يضيئون الليل المعتم ... فهل يمكنني أن اراهم في ضوء الشمس !؟ بالتأكيد لا ... قبل أن يرحل جدي عن عالمنا الأرضي ... كان يطيل النظر مبتسما الي السماء ليلا و كنت اتسائل لماذا يفعل ذلك !؟ ... لعله كان يبحث عن احبائه هناك ... ما اجمل أن يجتمع الماضي الجميل مع الامنيات في مكان واحد ... هناك في السماء ما بين النجوم و الشهب ... اجد هذا
***
دور يا زمن ... و دور يا زمن ... و ان عاكستك خطاوينا ... او سايرتك ... هاتدور بنا ... هاتدور بنا يا زمن ... هاتدور بنا ... و تجيب اخرنا قوام ... نجيب اخرتك ... دور بنا يا زمن و خدنا في دايرتك ...شيء غريب هذا الذي يحدث عندما اجلس لاشاهد زحام الطريق ليلا .. و سماعات المحمول في اذني لأستمع الي اغنية بهذا الابداع ... يبدو الأمر كفيلم ممتع لا ينتهي انا مشاهده الوحيد ... لا شيء قادر علي انتزاع الفرح مني لأن السر بداخلي ... و قد عرفته ... في كل هذا الزحام ... يمكنك أن تنظر الي السماء ... ستجد من يحبونك ... ينظرون اليك ... و سيمر الشهاب من وسطهم ... و ستتمني ... و ستعرف الاسرار يوما بعد يوم ... اسرار البهجة و الحياة
***
كنت اريد ان اكتب قصة قصيرة ... اسمها رقصة سلو ... تدور احداثها في وسط حفل زفاف عندما يدعو الدي جي الجميع الي منتصف القاعة أن يرقصوا سويا رقصة سلو .. فيقوم البعض علي استحياء ... و أخرين بعد أن يجذبهم احد الناس ... و يجلس الجميع يشاهدون الكابلز او الثنائيات و هم يتراقصون ... و هنا تبدأ القصة ... فها هي الفتاة التي تجلس امام البيست مباشرة وحيدة تشاهد الثنائيات الراقصة و تسترجع الذكريات و هي ترسم علي وجهها بصعوبة ابتسامة مجاملة ... بلغت من العمر الاربعين ... و لم تتزوج و فشلت خطبتين لها ... تتذكر ايضا اخر من تقدموا لخطبتها ... و التي رفضته متعلله بأنفه الكبير ... كان هذا قبل عامين ... هي الأن كانت ستتسامح كثيرا مع هذا الأنف في مقابل أن ترقص رقصة سلو معه فربما كان طيب القلب و عوض ذلك عن دمامة وجهه بدماثة خلقه ... و لكنه لم يعد موجودا ... و لم يأت أحد بعده ... ربما ايضا كنت سأتخذ من الجالسين شخصية أخري ... والد العريس ... زوجته و ام ابنه الحبيبة و التي كانت بينهم قصة عشق يضرب بها الامثال توفيت منذ عدة سنوات ... بسبب التهاب الكبد الوبائي و قد عاني بجانبها كثيرا ... و هو الأن يتذكر و هو يمسك بيدها قبل أن تفارق الحياة بثواني قليلة ... لا هي لم تمت هكذا ... بل ماتت في حادث سيارة و نجا هو منه ... و لا مانع من أن يذرف الرجل دمعتين فرح مختلط بالشجن ... لأثير فيك يا قارئي العزيز الحزن النبيل ... و لكنني لن أفعل هذا ... سأكتب قصة اسمها رقصة سلو ... و ساتحدث عن الجالسين حول البيست ايضا ... و لكنني سأجعل تلك الفتاة الاربعينية ... تنظر الي حبيبها في الناحيه الاخري ... انتظرته كثيرا ... و رفضت الكثيرين من اجل أن يكون هو المنتظر ... بعد يومين سيتقدم لخطبتها و لا احد يعلم بقصة الحب تلك فقد جاهدوا كثيرا ليجعلوها سرهم الصغير المفرح ... هو ايضا سيبعث لها برساله علي المحمول ليقول لها ... لو مش هانعرف نرقص قدام الناس النهار ده ... خلينا نرقص بعينينا و احنا قاعدين في اماكننا ... و يهز الأثنين رؤوسهم و هم ينظرون لبعضهم و عيونهم لا تفارقها تلك اللمعة الخفيفة الفرحة التي تميز اعين العشاق ... اما والد العريس فسيمسك بيد والدته التي لم تمت ... و لكنها شفيت من مرضها بعد عناء كثير ... قاومت المرض لأنها كانت تحبه و تحب الحياة من اجله ... وشوشها في اذنها و قد علا صوته قليلا بسبب علو صوت المزيكا السلو ... ما تجيبي بوسة يا قمر ... و للمفارقات سينخفض صوت المزيكا وقت ان يقول هذه الجملة فتسمعهم ابنتهم الجميلة ... و تبتسم في حياء لأن والدها قال ذلك لأمها
مش باقول لك انا بقي لي بتاع اسبوع مبسوط و ده شيء غريب
!!حتي القصة مش عايز اكتبها حزينة


statistique