الأحد، أكتوبر 04، 2009

لهاث

تهرب مني الحروف ... كلما امسكت بحرف كلمة ... يفر مني
لما سميت بالحروف ؟ من حرف الشيء !؟ ... طرفه الرفيع
لا يمكنك من امساك الشيء و لكن يستدل علي وجوده منه ... لازالت الكلمات موجودة و لها احرف ... لكنها لم تعد كافية للامساك بها ... فقط تلوح إلي الحروف من بعيد ... فالاحقها ... لتهرب ... اطفو فوق طوفان كلمات مكتوبة من قبل ... تبتلعني حروفها ... تمطرني بالشكوك ... تفتت كل شيء ... كل شيء
تفتتني لأمتزج بكل الاشياء من حولي و اتلاشي ... يصبح وجودي مرتبط بوجودهم ... و تظل الكلمات تلاعبني من بعيد و كأني مشعور يلاحقه صبية صغار ... يمطرونه بحجارتهم ... يحاول ملاحقتهم عبثا عله يستطيع امساك احدهم .. ليشبعه ركلا و سبا ... كلما حاول اللحاق بهم زاد جنونهم و مجونهم ... فروا

**

يأس المشعور من محاولاته المحمومة لإمساك الكلمات ليقتلها ... و استسلم في هدوء غريب لضرباتها القاتلة

**

و ما قيمة الحياة بدون الحروف ... اللغة ... يخبرونني أنني اتممت عامي الثالث دون أن انطق أي حرف مفهوم و لما نطقت .. خرجت الكلمات في جمل كاملة ... فبهتوا
هل اولد من جديد في هذا العالم بعد أن اتممت عامي الالف و مئة !؟ و كيف يولد الرجل مرتين !؟ و كيف افقد النطق بعد كل هذه الاعوام ... بعد كل هذه الوريقات التي اطلعت عليها !؟

**

ذهبت لأتلمس محل الميلاد مرة اخري ... ربما اجد هناك ما يثبت وجودي فأبدأ من جديد درب البحث عن الكلمات ... امام المستشفي القبطي وقفت اتأمل المبني ... في أي غرف المبني العتيق خرجت من الامان المطلق الي هذا العالم الغريب !؟
قطع تأملاتي طفل صغير ... رش علي يدي رشتين ... و قال لي ريحة ... ريحة ... ممسكا بيده زجاجة عطر كبيرة محاولا تعطير الجو و المارة في الشوارع
اشفقت عليه كثيرا ... فهو يحاول تعطير الكون بزجاجة صغيرة ... ستنفذ حتما ... محاولات يائسة اخري لمخلوق بريء عاجز يقاتل عدو خفي ... قد يكون غير موجود الا في خياله هو فقط ... مشروع مشعور صغير في الطريق الي هذا الوهم المسمي مجازا بال ... و ها هي الحروف تهرب مجددا ... كلما امسك بحرف كلمة .. تفر مني الكلمات و الافكار
و أفر انا منهم و مني ... الوذ بالصمت و السكون ... اكف عن اللهاث ... لتمحي حروف اسمي بلا ضجيج



statistique