كلنا ليلي
لا انفي و لا استطيع نفي أن ليلي مقهورة , و لكن في رأيي لم يعد من الواجب تعزيز فكرة أن الأنثي هي ضحية المجتمع طوال الوقت , يجب أن تظهر الصورة متكاملة و لو لمرة واحدة , في العام الماضي من كلنا ليلي قرأت قصة عن أم اشرفت بنفسها علي تشويه اعضاء بناتها الجنسية المسمي بشكل خاطيء بختان الاناث و هي عملية تشبه كثيرا الاغتصاب الجنسي , فسر لي صديق بعد ذلك أن هذا يسمي بظاهرة رئيس عبيد القصر , أي ان من فعلت ذلك تحولت من تابع - عبد - بلا اتباع داخل منزلها - قصرها - الي تابع له اتباع بعدما اشرفت بنفسها علي تنفيذ هذه العملية , و هنا ارتقت بنفسها من مجرد عبد من عبيد القصر , الي رئيس عبيد القصر , حتي و لو كان علي حساب نفسها و بناتها و قضيتها .
***
الست دي بمئة رجل , ختان الاناث , يا ابن فلانة , هذه كلمات اهم كثيرا من قوانين قد تشرع لمحاولة أن تميز المرأة تمييزا ايجابيا في الوظائف , يظل القانون أو القرار حبرا علي ورق , أو حتي ينفذ بشكل استعراضي , و يظل ما في الصدور هو هو لا يتغير , تكشف اللغة المستخدمة في الحياة اليومية الكثير من الاشياء و تغييرها يغير بالتبعية مفاهيم الناس , يمكننا استبدال ختان الاناث بالكلمة الحقيقية , باسمها الحقيقي , تشويه الاعضاء الجنسية للنساء , الست دي بمئة رجل , يضحكني هذا المصطلح , فالطريق بين مدينة القاهرة و السويس مئة كيلومتر , و الكيلومتر وحدة معروفة عالميا , اما تحويل الرجل لوحدة قياس فهذا غير مفهوم ابدا .
***
كنت صغيرا جدا وقت أن شاهدت هذا الفيلم الوثائقي لكي احتفظ باسمه او اسم بطلته في ذاكرتي او حتي ادرك انني سأفتن بتلك الفكرة , كل ما اتذكره هو حالة الانبهار الشديدة التي سيطرت علي حينها و لم تفارقني لفترة طويلة بعدها , تلك الطبيبة الاسترالية الجنسية التي تركت بلدها الغني , عاشت وسط المنبوذين في اثيوبيا , بالتحديد كن منبوذات , تبدأ المأساة بطفلة صغيرة يتزوجها رجل كبير السن , يمارس الجنس معها فيشوه اعضائها , يثقب بقضيبة الجدار الفاصل بين فتحتي التبول و ممارسة الجنس , تظل نقط بولها بعدها , تتساقط رغما عنها , تفقد السيطرة , تصبح رائحتها سيئة فيطردها من كوخه , يردها الي عائلتها , فتنبذها عائلتها ايضا , لأنها تلوث منزلهم , تجعل رائحته لا تطاق , تذهب الصغيرة التي لم تذنب في حق أي احد لتحيا مع مثيلاتها من المنبوذات , لا احد يحبهن , الجميع يعتبرهن نجسات , رأت الطبيبة الاسترالية المنبوذات في رحلة سياحية , عرفت السبب , و قررت أن تهب حياتها لعلاجهم , مجرد عملية رتق سهله , و تعود المنبوذة الي المجتمع , تتزوج مرة أخري و تحيا حياة طبيعية , قضت الاطبيبة الاسترالية ثلاثون عاما من عمرها تسكن غرفة في مستشفاها الصغير , تركت منزلها الجميل في مسقط رأسها و كل وسائل الرفاهيه , لتجعل حياة الالاف من المنبوذات ممكنة , اعطتهن فرصة اخري للحياة , وهبت حياتها لتحيي الكثيرين , هذا هو نموذج ليلي التي احبها , نموذج الانسان الذي احبه .