الأحد، يوليو 25، 2010

ذكريات

كنت اتهرب من مقابلة صاحب العقار , كل همه كان هو أن ادفع له الايجار في ميعاده , أصر منذ البدايه علي عدة شروط , لن يكتب عقدا للايجار , يجب أن يكون لديه نسخة من مفتاح الشقة دائما , أن ادفع الايجار مقدما في أول كل شهر , أن لا استقبل سوي ذكور في شقتي المفروشة , كانت شروط معروفه سلفا لكل الطلاب المغتربين في هذه المدينة , إتفقت معه علي أنه سيجد الايجار تحت مفرش ترابيزة السفرة في الاسبوع الأخير من كل شهر , فكان يأتي كل يوم في هذا الاسبوع , اصبحت متعة لا تقاوم أن اكتشف المناطق التي فتشها في الشقة , كنت أضع كل شيء بترتيب معين , يبدو للناظر اليه أنه غير مرتب , كان الرجل يبذل مجهودا خرافيا في أن يداري أثار دخوله اليومية للشقة في الأسبوع الأخير من كل شهر , و اهنيء نفسي في كل مرة اكتشف فيها أثار دخوله الخفي .

سنتان و أنا أعرف أن المكوجي و عامل البقالة و الميكانيكي يراقبون مواعيد دخولي و خروجي , الكل يراقب هذا الغريب الأتي من القاهرة , الكل يرسل الي صاحب العقار تقرير اسبوعي عن ضيوفي , و لما اصابني دور برد لمدة يومين , أبلغوه , إتصل بي ليسألني لما لم اخرج منذ يومين من الشقة و أطال في المكالمة ليستكشف أن كان هناك من يرافقني أم لا , تعمدت فتح الراديو فأتي صوت المذيعة واضحا و كأنها فتاة تجلس معي في الشقة , شعور طريف أن تشعر بأنك مراقب علي مدار الاربع و عشرون ساعة , لم يمر سوي خمسة عشر دقيقة لأسمع صوت مفتاحه يدور في الباب , و هذا ما لم يكن يجرؤ علي فعله من قبل , أتي و معه شاهدان , دخل بسرعة الي غرفة نومي , تعثر احد الشهود في كراسي الصالون التي الصقتها بالباب إمعانا في التسلية و إثارة الشكوك لأنني تيقنت من أنه سينصب لي كمينا بعد سماع صوت المذيعة الفاتنه علي نجوم إف إم .
تأكد الرجل بعد لفة صغيرة في الشقة أنه لا يوجد معي أحد , و جلس معي يحدثني عن مغامراته الوهميه في تدخين الحشيشة في القاهرة وقت أن كان شابا , هو الذي لم يدخن سيجارة طوال حياته كما أخبرني في إحدي المرات , كان ينصب كمينا أخر لكي يعرف هل أدخن المخدرات أم لا , تلك كانت سمعة الطلبة المغتربين في تلك المدينة البعيدة , مدنية الملامح , ريفية الأخلاق .و كان يعرف أنني في يوم الجمعة و مساء الخميس أترك الشقة , كانت أجازتي الاسبوعية , فكان يأتي ليفتش الشقة أو يستقبل بها بعض ضيوفه .

مصادفة و علي غير عادتي رحلت للمدينة الريفية يوم الجمعة صباحا , كان الشارع خاويا تماما من المارة و المحلات كلها مغلقة , أدرت المفتاح في باب الشقة و أنا أسمع صوت كركبة شديدة بالداخل , كان بداخل غرفتي يرتدي ملابسه مهرولا و معه زوجته , أو هكذا قال لي مغتصبا ابتسامة قلقة , خرجت من الغرفة و جلست علي كرسي الصالون المواجه للباب , استكملا ارتداء ملابسهما علي عجل , و لم أري وجهه بعدها و أختفت تماما أثار التفتيش من الشقة , كان يبعث بأخيه الصغير في الاسبوع الأخير من كل شهر ليأخذ الايجار من تحت المفرش , و يتصل بي ليشكرني بعدها , و انا الذي كنت أتهرب من مقابلته في البداية !!



statistique