الأربعاء، فبراير 11، 2009

لا أري ... لا اسمع ... لا اتكلم

عندما بدأت والدتي في حديثها المعتاد عن ضرورة الزواج قبل بلوغ سن الثلاثين و عن مواصفات العروسة و التي يجب أن تكون متوسطة الطول و جميلة الوجه و الجسد ... كما تقول والدتي ... لم اجد بد الا أن اهرب من هذا الحديث ... يذكرني كثيرا بحديث صديق لي يحب الكلاب المنزلية و يعرف مواصفاتها الجسمانيه لكي تكون جيدة ... بأن يكون لدي الكلب ذيل طويل و يا حبذا أن يصل للأرض و أذنان منتصبان بشدة و ... عندما قلت لوالدتي لكي أغير مجري الحديث بأنه يجب أن تكون اذناها منتصبتان تماما كفصيلة الكلب راعي الغنم الالماني ... ابتسمت و قالت لي ... و انت هتجيب أيه غير كلبة !؟ عند هذا المنحني من الحوار قررت أن أذهب الي المقهي لأستكمل الحديث مع صديقي عاشق فصيلة راعي الغنم الالماني
***
وجدت صديقي يجلس في ركن جانبي من المقهي و في يده أوراق كثيرة ... حاولت مداعبته بأن اسأله .. ما اخبار الكلاب يا عزيزي ... نظر الي و في عينيه حزن و قال لي ... كلاب !؟ و منذ متي كنت امتلك انا كلاب ... انا ليس لدي كلاب و ما عدت مهتما بهذه التفاهات
انتابتني برهة من الصمت و الدهشة ... لم يكن ليرد بهذة الاجابة الا إن كان بالفعل حزين بشدة ... فقد كان حلمه طوال الوقت أن يمتلك واحدا
سألته ما بك ؟؟
فأخبرني بأنه فقد عمله ... و استرسل في حديث جاد لم اعهده منه ... متحدثا عن الازمة العالمية و عن اسعار البترول و اقساط الشقة الملتزم بها و التي دفع مقدمة لها و عن أن الشركة التي يعمل بها وفرت العديد من مهندسيها ... و أنه يريد كتابة سيرة ذاتيه جديدة لنفسه و يود أن اساعده في كتابتها
سألته ما كل هذه الأوراق ... فقال لي أنها ورش العمل التدريبية التي يود أن يضعها في السيرة الذاتيه فأمسكت باوراقه الكثيرة و جلست أتمعن بها
***
كان صوت أم كلثوم لازال عاليا للغاية في المقهي و هي تصدح ... عايزنا نرجع زي زمان ... قول للزمان ارجع يا زمان ... و بالرغم من ذلك استطعت تمييز صوت رنين هاتفي المحمول ... فخرجت من المقهي لكي أجيب الهاتف و لكن هيهات فقد كان الخط منذ عدة أيام يستقبل المكالمات و لا يتصل بأي أحد ... سمعت صوت المتصل لمدة ثانيتين ... الو الو ... و انقطع الخط ... حاولت الاتصال بخدمة العملاء عدة مرات و لكن بلا فائدة
في المرة الأخيرة التي نجحت في الأتصال بهم اجابتني فتاة و قالت لي ... فعلا في مشكلة فنية في الشبكة كلها .. فطلبت منها أن تحدد لي وقتا زمنيا لانتهاء هذة المشكلة ... فأجابتني بانجليزية ركيكة .. ذير ايذ نو تايم ليميت فور ساتش بروبليم ... و سألتني بعدها مباشرة ... أي خدمة تانية ... فقلت لها ... الخدمة الأولي لم تنتهي بعد ... فقالت لي شكرا لأتصالك بأم نبيل ... تيت تيت تيت ... و ظل التليفون كجثة هامدة بجانبي ... و كأنه يعلمني حكمة ... إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ... و يبدو فيما يبدو أنهم قرروا أن يعلموني الحكمة بشكل أعمق ... بأن اتوقف عن النطق ... و السمع أيضا ... و قفت أتأمل دروس الحكمة التي يعطونها لي ... و أدركت بعدها بقليل أن هاتفي ايضا به خدمة الجيل الثالث و هي الأتصال بالصوت و الصورة ... و بالتأكيد هي الأخري معطلة ... الأن فقط تذكرت تلك الحكمة الصينية القديمة ... لا أري ... لا أسمع ... لا أتكلم ... و حاولت أن اتصل بهم لكي اشكرهم و لكنني فشلت
***
عندما دخلت للمقهي مرة ثانيه وجدت صديقي لازال حزينا فحاولت أن ارفه عنه قليلا فأخذنا كراسينا و جلسنا علي الرصيف خارج المقهي ... و كان الجو بالخارج أكثر شاعرية ... يقترب من البرودة قليلا و صوت أم كلثوم أصبح بعيدا و أقل حدة ... و اضاءة القمر خافتة لطيفة ... داعبته بأن قلت له صحيح أنت ما عندكش شغل دلوقتي ... لكن علي الأقل كرسيك علي القهوة لازال محجوزا ... فأبتسم و غير وضع جلوسه قليلا لوضع أكثر راحة و نظر الي السماء ... لم تكن مرت دقائق كثيرة عندما أتت البلدية ... و أخذوا الكراسي كلها و حرروا محضر اشغال طريق لصاحب المقهي ... و وجدنا انفسنا نقف في الشارع ... فقد أخذوا كراسينا ... و عند هذا الحد لم أكن قادرا علي أن اخفف علي صديقي ... فقد كان مشهد الكراسي فوق السيارة النصف نقل ذاهبة الي حيث لا نعلم مؤثرا .... كان صاحب المقهي جالسا علي الرصيف المقابل يحاول الأتصال عن طريق تليفونه المحمول بشخص ما ... و لكن لا حياة لمن تنادي و توقفت عن استنباط الحكمة من الأحداث لأن من عاش بالحكمة ... مات بالمرض

الاثنين، فبراير 09، 2009

بيكيا ... روبابيكيا

في المرة الأولي التي شعرت فيها باحتياج للقراءة كانت في سن مبكر ... في تلك المكتبة الخشبية و من خلف الزجاج العسلي رأيت الكتاب و أنا في التاسعة من عمري ... قبل امتحان الرياضيات بيومين ... و بدلا من أن اذاكر ... اخرجته من مكتبة أبي و جلست التهمه في نهم ... سنة اولي سجن لمصطفي أمين ... اسلوبه مشوق و ساحر بالاخص لطفل صغير لا يتعامل مع نص نثري مكتوب الا في الكتب المدرسية الممله و التي اعتبرها البذرة الاولي التي تجعل الاطفال يكرهون القراءة في سن مبكرة للغاية ترويها علي مدار الأيام اشعار من عينة قطتي نميرة و اسمها سميرة ... اللعنة علي قطته النميرة و اسمها ... رأني والدي وقتها و أنا اقرأ هذا الكتاب و كان يعلم أنه بعد يومين لدي امتحان ... فخبأه و تركني أبحث عنه ... و عندما فشلت في أن أجده ... سألته عنه .. فقال لي بعد الأمتحانات سأعطيه لك ... و بسبب هذا المنع تولد لدي حب شديد للكتابات ... الممنوعه
***
بعدها بحوالي عام ... كنت قد قرأت العديد من الكتب من مكتبة والدي ... و قررت للمرة الأولي أن أذهب مع المدرسة في المعسكر الكشفي و اوقعني حظي العاثر أو لعله الجيد لا اعرف, في شاب في الثامنة عشرة من عمره كان يبدو انه يعاني من قهر ما عليه ... كان المسئول عن الفريق الصغير الذي انتمي اليه ... و بدأ يمارس القهر علينا بدوره و كنت طفلا صغيرا لا يستطيع أن يقاوم سخافات شاب في هذا العمر ... مسئول عني في كل شيء و لمدة اسبوع .. فلم أجد وقتا لكي اسبه الا قبل أن انام بقليل ... افتح الكشاف الصغير تحت الأغطية الثقيلة حتي لا يظهر الضوء و امسك بالقلم ... و ادون ما حدث معي في هذا اليوم ... و كان البطل دائما هو هذا الديكتاتور الصغير ... اسبه و اقول رأيي فيه بكل حرية ... و في اخر يوم قبل أن ينتهي اسبوع المعسكر ... رفع هو الغطاء من فوقي ... و أخذ اوراقي ... و قرأها ... و لم يعطها لي بعدها ابدا ... و لكن نظرته الي بعد ذلك اختلفت تماما
***
مرت سنوات بعدها و كان عمي رحمه الله هو من يتحمل الاجابة علي الاسئلة الرزيلة التي القيها علي الكبار ... فقد كان والدي يشعر بالدهشة و السأم دائما من تلك الاسئلة الغريبة التي القيها عليه و عندما يجيبني تتحول اجابته الي سؤال جديد اطرحه عليه ... كان عمي لديه مكتبة كبيرة ... كتب في مجالات كثيرة ... مع الوقت اتبع هذا الرجل معي اسلوب جديد ... و هو أن يبادر هو باعطائي كتاب لكي اقرأه ... ثم يسألني ماذا فهمت من هذا الكتاب ... و ما هو رأيي فيه ... و كان صبور للغاية ... كان يقطن في نفس عمارتنا مما سهل كثيرا عليه هذه المهمه... و بعد سنوات توفي عمي ... فلم يعد لدي هذا البئر الذي لا ينضب من الكتب و لم أري مكتبته من يومها و حتي يومنا هذا
***
عندما انهيت دراستي الثانوية ... كان علي أن اذهب الي جامعة اقليمية لكي استطيع الالتحاق بكلية الهندسة فقضيت هناك سنوات وحيدا قبل أن استطيع أن احول الي جامعة في القاهرة ... و كان الوقت يمر بطيئا للغاية هناك ... وحيدا اجلس في شقة مفروشة ... فكانت فرصة توفرت الي دون أن ادري لأن ادخل في طور جديد من القراءة ... قراءة نهمه للغاية ... كنت امر ببائعي الكتب القديمة في المنصورة كل اول اسبوع لكي اشتري منهم كتاب او اثنين ... اقضي ساعات اقلب في الروبابيكيا الثمينة التي لديهم ... و قرأت عدة مرات اهداء من شخص لصديقه علي كتاب ... و كنت اتصور أن كل هؤلاء مثل عمي رحمه الله ... اناس كانوا يحبون القراءة و لكنهم رحلوا عن عالمنا فتركوا لنا كتبهم لكي نقرأها و نأتنس بها و بهم ... كنت كلما اشتريت كتابا جديدا اسأل نفسي تري هل اكتسبت عما جديدا !؟
لماذا يطلق بعض الناس علي هذه الكتب كلمة روبابيكيا !؟
لم يبتاعها الاخرون و هم يعلمون أن الروبابيكيا ليست بالشيء الرخيص ابدا وإن كان مقابلها المادي قليل
***
مرت سنوات و شعرت بالرغبة في الكتابة مرة أخري و لكن ليس من تحت الغطاء ... و عندها كنت مدينا بالكثير ... الكثير جدا لبائعي الروبابيكيا و الكتب القديمة ... و فكرت في انشاء مدونة ... و كنت من قبلها متابعا للمدونات ... و في اثناء تفكيري في اسم للمدونة لم أجد اسم افضل من بيكيا ... روبابيكيا , و من يومها كلما سمعت نداء أحد بائعي الروبابيكيا ... اخرج الي الشرفة لأنظر اليه متسائلا هل يعلم هذا الرجل قيمة ما يفعله أم انه مجرد جامع للمقتنيات القديمة الرخيصة ... الغالية

الثلاثاء، فبراير 03، 2009

جريدة الشروق

تأتي جريدة الشروق في وقت قررت فيه أن اقاطع كل الصحافة الورقية و اكتفي بقراءة الكتب الورقية فقط و الاخبار الجديدة علي المواقع الاخبارية علي الانترنت... منذ اسبوعين نجحت في تنفيذ قراري بأن اتوقف تماما عن شراء أي جريدة او حتي قرائتها ... و لكن لأن مستخدمي الجايكو تكلموا عن هذه الجريده ... و لأن قراء الصحف اليوميه في تعطش الي جريدة جديدة تسد فراغ كبير موجود بالفعل ... فقد قررت ايقاف المقاطعة قليلا و اشتريت عددين من جريدة الشروق ... و يبدو لي فيما يبدو أن توجه الجريدة هو هو توجه دار النشر ... حشد الاسماء و المواهب الكبيرة و الطباعة الفاخرة ... ورق الجريدة و الوانها الهادئة اكثر من جيدة بالنسبة لباقي الجرائد ... اما عن الاسماء ... علاء الاسواني ... فهمي هويدي ... سلامة احمد سلامة ... و من المدونين عبد الرحمن مصطفي .. عمرو عزت ... رضوي اسامة ... كصحفيين
يوجد ايضا نصف صفحة مخصصة للمدونات .. وجدت فيها بعض اسماء مدونين أعرفهم معرفة شخصية ... و علمت من الصديقة العزيزة
بيلا أنهم لم يستأذنوا منها في أخذ التدوينة و نشرها ورقيا في الجريدة ... و في موضوع أخر عن المدونات قرأته علي موقع الجريدة بعنوان مدونون في معرض الكتاب ... كتب عن احمد عبد الفتاح صاحب مدونة يا لاللي ... بصيغة المؤنث و بدون ذكر اسمه ... و عن بيلا أيضا بصيغة المذكر
أظن انه من المبكر جدا الحكم علي هذة التجربة ... و لكن ارجو أن تكون بجودة مطبوعات دار الشروق التي لا يعيبها سوي ثمنها الغالي ... و ما عدا ذلك فهم يجيدون انتقاء الكتاب اصحاب الموهبة دائما من امثال د. محمد المخزنجي و رضوي عاشور و بلال فضل و د. جلال أمين و د. يونان لبيب رزق و محمد حسنين هيكل
و في انتظار العدد القادم


statistique