الثلاثاء، أكتوبر 16، 2007

اصداف و لأليء

لثلاث ايام متواصله كنت اجلس وحيدا علي شاطيء البحر .. رفضت العودة الي القاهرة مع اسرتي لكي استمتع قليلا بجو الوحدة .. الجلوس صامتا لساعات طويلة و ايام يغذي روحي .. يجعلني انمو .. لطالما تأكدت ان كل منا يمتلك بداخله جزء رقيق .. هاديء شفاف يعشق السكينة و الابتعاد عن المنازلات اليومية المفروضة علينا .. التوحد مع نفسه .. كلنا نشبه تلك الاصداف البحريه .. خارجنا يبدو قويا .. بل و جارحا اذا اقتضي الامر .. و لكن بالداخل يسكن ذلك الكيان الهلامي الشفاف الجميل .. هذة الاصداف تظل اطول فترة ممكنة مغلقة و لكنها عندما تنفتح لدقائق لكي ينفذ النور الخارجي الي داخلها .. تدخل بعض حبات الرمل .. فتغلق الصدفه نفسها خوفا علي ما تحتويه .. و يظل الكيان اللطيف الداخلي يتألم و يتمزق لوجود حبات الرمال التي تسللت اليه رغما عنه و يفرز من حوله مواد تحيطه و تجعله ناعما .. لتنفتح مرة اخري عارضة اللؤلؤ الصعب المنال .. الذي تمخض من احضان الالام .. لأن افضل اللأليء تتبلور و تنمو في صمت و سكينة و الم .. في تلك الاعماق السحيقة بداخل اصدافنا القوية ... استعين ببعض المقولات التي أثرت في ..في تلك الاثناء .. اعيد النظر الي كل ما كونت عنه فكرة شبه كامله .. انفذ الي عمق الكلمات المأثورة و الاحلام الشخصيه .. و في خلال ثلاث ايام .. كانت هذة الكلمات تقرع ابواب رأسي بشدة و تبلور بعض اللألي التي ما زالت ناقصة في النمو ...
يقاتل الجندي أعداءه بضراوة, يتمنى لو يفنيهم جميعا ... لكنه إذا قدر له مرة واحدة أن يعبر إلى الجانب الآخر و يتجول بين صفوفهم سيجدهم بشرا طبيعيين مثله, سيرى أحدهم يكتب خطابا لزوجته, و آخر يتأمل صور أطفاله, و ثالثا يحلق ذقنه و يدندن ... كيف يفكر الجندي حينئذ؟ ربما يعتقد أنه كان مخدوعا عندما حارب هؤلاء الناس الطيبين و عليه أن يغير موقفه منهم ..
علاء الاسواني
سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك .واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم .باركوا لاعنيكم .احسنوا الى مبغضيكم .وصلّوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم .لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السموات .فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين .لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم .اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك .وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون.
متي 5

الثلاثاء، أكتوبر 09، 2007

لو كلنا سواقين قطر .. طيب مين اللي هيسافر !؟

نشات في حي قديم .. به رائحة من الزمن الجميل يصعب ان لا تستنشق عبيره و انت تتجول بين البيوت القديمه ذات الطوابق الاثنين او الثلاث علي الاكثر المزينه بكرانيش تفاصيلها مدهشه ... يعلوها اتربة تزيدها جمالا .. بني هذا الحي محمد علي باشا باني و مؤسس مصر الحديثه ضاربا مثال في بناء المدن الجديده .. انشأ لنفسه قصرا في نهاية طريق ممهد جيد بمقاييس عصره – متحف محمد علي بكلية الزراعة حاليا - ليشجع اهالي البلاد في ان ينتقلوا بسكنهم بجواره فأتي من خلفه الباشوات و ذوي الاملاك .. او رجال الاعمال بمسمي عصرنا هذا و بنوا قصورا و سرايات و اشتروا الاراضي الزراعيه و من خلفهم اتي عامة الشعب المصري الذين يعملون لديهم .. فقد فتحت لهم ابواب رزق جديده تلك الارض الممهدة الحديثة البناء... فكانت شبرا مثالا لاول المدن الجديده الناجحه في تاريخ مصر الحديث اعتبر نفسي محظوظا لأني ولدت في هذا المكان الرائع .. تنوع مدهش .. و اختلافات فكرية و طبقية شديده تجعله مجتمع غني و ثري ففي اختلافاتنا غني و في تنوعنا ثراء بشرط ان يتوفر جو من القبول العام لهذة التعددية .. و هذا ما اجده متوفرا في شبرا .. تجد الغني يسكن علي كورنيش النيل في شقق تتعدي ثمنها الملايين و الفقير يسكن في احدي المناطق الداخليه لشبرا و الجميع يتعايشون بسلام .. تجد شوارعا واسعه .. و حارات ضيقة .. تجد فنانين و حرفيين و ارزقية و دكاترة و مهندسين و ادباء ... اسماء لامعه في كل مجال وليدة هذا المجتمع الثري يتعايشون في تناغم رائع .. الكل يفخر بانتمائه لهذا المكان ... تجدهم جميعا في نهاية النهار يجلسون علي المقهي .. و هنا تذوب بعض الفوارق الاجتماعيه و الماديه .. فها هو الكهربائي يجلس امام صيدلي علي نفس الطاولة و يتنافسون في لعبة الدومينو او الطاوله .. شيش بيش .. دوش .. لا اعلم ما هي لغة هذة الارقام و اتصور انها فارسيه .. و لكنها ان دلت علي شيء فهي تدل علي ان المجتمع المصري لديه الكثير و الكثير من الروافد و المصادر او قل الحضارات التي شكلت شخصيته و كيانه .. فمثلا لا يمكن لأحد أن يفهم كلمة فوطة الا في مصر .. لا تصدقني !؟ .. لديك معجم لغوي بالتأكيد .. افتحه ... فلن تجد لها مرادفا فهي كلمة من اللغة القبطية تعني منشفة بالعربية ... العديد من هذه الكلمات موجودة في لغتنا اليوميه .. خذ مثالا أخر .. طز .. هل تعلم ان مصدر هذة الكلمه هو التركيه و ان معناها ملح فقد كان جباة الضرائب العثمانيين يحصلون الضرائب علي كل السلع الا الملح .. و كان التجار المصريين و هم يدخلون المدن يقولون لهم طز .. أي ملح .. أي لن تأخذ مني شيء فمعي ملح و ظلوا يقولونها لهم حتي بعد ان فرضوا الضرائب علي الملح كنوع من السخرية منهم .. و انتهي هذا العصر و لكنه ذلك المصري الذي اثرته الحضارات المختلفه بكلمات و عادات مختلفه من كافة شعوب و امبراطوريات الارض الحديثة و القديمه ... و لم يكن يخاف او يشعر بخطورة من تلك التحولات .. فهو قادر علي أن يهضم أي حضارة جديدة .. و يدخلها في قاموسه اليومي و تندثر الحضارات و يزداد المصري غني ... هل تعلم اننا البشر اكثر المخلوقات قدرة علي التكيف في أي ظروف ... في قيظ الحرارة و برودة الثلوج ... ان كان الله خلقنا قادرين علي التنوع .. فلما لا نقبل هذا التنوع
اليوم سمعتها و انا امر من امام الكنيسه .. لو كلنا سواقين قطر .. طيب مين اللي هيسافر !؟ !؟ و سمعتها قديما بشكل اكثر صياغة ادبيه و فلسفيه .. علي نغمات اختلافاتنا نعزف لحن الفرح
فلنعزف لحن الفرح بمختلف الاتنا الموسيقية .. فكلما زاد عدد العازفين و تنوعت الاتهم .. ازدادت المقطوعة جمالا
و امتاعا للعازف قبل المستمع
بس خلاص
انتوك

الأربعاء، أكتوبر 03، 2007

اختلطت دموعه بدمائه

كان طفلا صغيرا اسماه والديه صابر ... جسده نحيل ضئيل ذو لون شاحب .. يرتدي نظارة طبيه تبدو كجزء من جسده لا يجرؤ أن يخلعها حتي و هو نائم فهو لا يري أي شيء بدونها و كان يخاف من الدخول في اي اختبار للقوة البدنيه فليس لديه أي مقومات لذلك .. يفضل اثناء الفسح المدرسية ان يتمشي مع احد اصدقائه و يتبادل الكلمات عوضا عن لعب الكرة مثل باقي الاطفال .. لم يكن يشعر بأنه غاضب لعدم امتلاكه أي نوع من القوة البدنيه .. و كان ناجحا في العديد من المواقف التي احتاج ان يستخدم فيها القوة البدنيه في تفادي ذلك متحليا ببعض الصبر و الفطنة
تعلم مبكرا او قل علمته الاقدار رغما عن ارادته ان يتسع صدره و ان يتغاضي عن بعض المضايقات .. لم يكن يدرك مقدار قوته الكامنه ... فضل السلام .. او ما كان يسميه بالسلام ... و يسمونه الناس بسلام الضعفاء
و لكن احيانا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ففي احدي الصباحات الباردة الكئيبة .. كان يمسك في يده بعلبة عصير في اثناء انتظاره في الطابور لدخول الفصل .. و لبرودة الجو وضعف جسده ارتجفت يده قليلا فوقعت بعض قطرات منه علي قميص طفل اخر
و كان هذا الاخر من اقوياء هذا المجتمع الصغير ... لا يتردد في دخول اي معركه بل كان يذهب الي المعارك بنفسه حتي و ان كان ليس طرفا بها ليثبت للجميع انه الاقوي
و بات من الواضح امام صابر انه لا مفر من الدخول في معركة ... او قل أنه شعر بأن الاخر لن يتركه و هو لا قبل له بمواجهته بهذا الجسد الضعيف النحيل المرتجف ... و في اثناء دخول الطابور الي الفصل .. توعده الأخر بمعركة سيشبعه فيها ضربا و في اول فرصه ممكنه
كان خائفا جدا طوال ساعتين .. من الواضح انه وضع في اختبار للقوة رغما عنه و عندما دق جرس الفسحه أو قل طبول الحرب الغير متكافئة ... خرج جميع الطلاب و شكلوا دائرة من حول الأخر .. كانت تلك الدائرة من المشاهدين محكمة بشكل يجعله لا يستطيع الفرار ابدا ... لم يكن المشاهدين يقصدون ذلك و لكنها تلك الاقدار التي لا تكف عن لعب دور في حياة الصابرين ... كان صابر يخاف من الخروج و لكنه قرر أن يفعل فقد قال لنفسه انه ان كان ليس هناك من بد للهروب ... فلا بد من ان استجمع كل قوتي في لكمة واحدة ... ربما تؤذيه قليلا ... و لكن هذا كل ما استطيع ان افعله ... و بالفعل ... خرج صابر بسرعة وسط ابتسامات سخرية الأخر و بعض المشاهدين و لكمه في اسنانه بكل ما أوتي من قوة ... و للمفارقات الغريبة وضع الأخر يديه الاثنين علي فمه متألما و بكي .. و عندما تحركت يديه اختلطت دموعه بدمائه .. فقد كسر صابر ... احد اسنان الأخر ... و لكنه لم يفقد بعدها ابدا طول الاناة و الصبر ... و لم يدخل في أي اختبار للقوة الا بعد ان استنفذ كل الخيارات الأخري المتاحه .. و استغل الأخر كل المساحات من الصبر ... صابر لسه صابر


statistique